الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
لو أن صراعاتنا الداخلية، اختبأت ولم نتمكن من التعبير عنها بشتى الوسائل التي نتقنها سواء أكانت شعراً أم رواية، ما الذي سيحدث لدواخلنا، سنعيش حالة غليان، لن تهدأ إلا لمن وجد وسائل التعبير عنها…؟
ولكن اعتناقك للكتابة، ألا يحتاج إلى مناخ، تتمكن فيه من ممارسة طقسك، وخاصة في وقتنا الحالي حيث أصبحت مستباحة، لكل من يريد، حتى لو كان لا يمتلك أي موهبة، سوى شجاعة الحضور على مواقع التواصل، وامتلاك بعض المتابعين يضعون «اللايكات» حتى دون أن يقرؤوا ما اختط قلمه.
ألا تفقد الكتابة صداها ونحن نرى كله هذا الانكفاء عنها…؟!
هل يكتفي الأديب بالكتابة للقراء الذين اعتادوا متابعة أعماله…؟
ربما الأصعب كيف يكتب الأديب، وكيف يختار موضوعات تجذب القراء، ونحن نعيش كل هذا التشتت، والانصراف عن القراءة، ولكن ألا يتواصل الكاتب مع كل الناس حين يصر على نقل عذاباتهم، والتغلغل إلى حياتهم، لتفكيك النمطية التي قد تودي بهم، إلى أماكن تضيق عليهم الخناق.
لا شك أن كل من اعتاد الكتابة، غالبا يحاول أن يوجد الجدوى التي يراها من منظوره الذاتي، فإن كان يرى خلاصه في ممارسته للكتابة، سوق يساعد كل من يتوجه له للبحث أيضاً عن خلاص ذاتي، ليتحرر حتى وإن كان مثخناً بظرف صعب يقيده طالباً منه الاقتداء بكل هذا الخواء الذي يحاصرنا.
الكتابة فعل يستمطر الذات، وتعين الآخر على عبور الغيوم مهما كانت داكنة، إنه فعل أزلي مادام الكون ينبض ويتنفس بحثاً عن لحظة خاصة، تعيينا على خلق جمال حتى من وسط الركام.
العدد 1128 – 17-1-2023