الثورة – عبير محمد:
كثيرا ما نتساءل عن تأثير التكنولوجيا على حياتنا العائلية، وعلى علاقتنا مع بعضنا البعض . حيث انتشرت في السنوات العشر الأخيرة تطبيقات ومواقع الكترونية مختلفة منها الماسنجر والفايبر والواتس آب، معظم هذه التطبيقات أوجدت في الأصل بغية سهولة الاتصالات بين الناس
هذه البرامج طبقت بداية في المجتمعات الغربية للمساهمة في تأمين التواصل الاجتماعي الإنساني الضروري، وتجنب انقطاعه، وضمانة لاستمرار حالة التواصل بين الأفراد، و لو كانت عن بعد، فمعظم الدول الغربية إضافة لأمريكا وكندا والصين واليابان يعملون لساعات طويلة، مما تمنعهم ظروف حياتهم من التقارب والتواصل بشكل مستمر مع أقاربهم وأهلهم، لذلك كان لابد من إيجاد البدائل الرقمية لاستمرار حالة الصلة..
– التكنولوجيا وانقطاع صلة الرحم
تعاني معظم الدول العربية اليوم من صعوبات حياتية يومية تمنعها من الوصول لأقاربهم وممارسة طقوس الزيارات العائلية. فقد كانت معظم هذه الدول تفتخر بتميزها عن المجتمع الغربي بما يسمى صلات الرحم القوية التي تربط الأسرة والعائلات برابطة الدم والجينات.
ولعل معظمنا يدرك كيف ساهمت التكنولوحيا الرقمية في معظم الدول سلبا على تلك الرابطة القوية واستبدلتها ببعض العبارات الرقمية، والايموشنات لتحل بدلا عن اللقاءات الحميمية التي تنشر حالة من الحب والاكتفاء الاجتماعي بين أفراد العائلة الواحدة.
– استثمار عطلات الاعياد
لكن لحسن الحظ أنه لدينا مناسبات دينية وأعياد كثيرة تتيح لنا فرصة اختيار الوقت المناسب لتبادل الزيارات العائلية والاستغناء ولو بشكل جزئي عن التطبيقات التكنولوجية، وتساهم تلك الزيارات ولو بشكل جزئي بكسر النمط الافتراضي الذي ساهمت الازمات المعيشية وغلاء أسعار الوقود في تعزيزه، مما أدى لهيمنة التكنولوجيا الرقمية لتكون البديل، ولتساهم بخلق فجوة عاطفية حقيقية وتزيد هوة التباعد الاجتماعي. فاللقاءات الحميمية بين الأهل والأقارب يساهم برفع مستوى العواطف والتراحم بين أفراد الأسرة الواحدة.
توجهت بسؤالي للمدرسة ل.ص عن حالة زيارتها لأفراد عائلتها فذكرت بحرقة: أن الظروف المعيشية وصعوبة التنقل بين المحافظات منعتها من رؤية والدتها وأقاربها مما أثر سلبا على علاقاتها بين أولاد عمها وعماتها الذين يعتقدون أنها لا ترغب بزيارتهم أو التواصل معهم، مضيفة بأن الكل يعاتبها ويعتقد أنها مهملة وأن عواطفها باردة تجاههم.
ولكنها على العكس تماما كما تقول: تراها تنتهز أي فرصة للسفر ولقاء أحبتها مهما كلفها الأمر.
لكنها وبذات الوقت تشعر أحيانا بالخجل من زيارة أقاربها مخافة أن تربكهم بوجودها وأن يشكل حتى ” فنجان قهوة أهلا وسهلا ” عبئا ماديا.
– بداية عصر العائلة الافتراضي
وبالتالي لا يمكننا تخيل انتهاء الزيارات العائلية لما فيها من تأثير سلبي على تآكل العلاقات الانسانية الحميمية، على العكس تماما علينا تجاوز أزمة الظروف، وخلق مساحة لإعادة صلاتنا بأرحامنا البعيدين والقريبين فالعمر قصير ولحظات السعادة هي تلك التي تبقى خالدة في أذهان أطفالنا لتؤهلهم بدورهم ليكونوا بشرا مساهمين في بناء علاقات المودة والرحمة بين قلوب البشر لانه مهما وصلنا من التقدم التكنولوجي ومهما ربطتنا العلاقات التكنولوجية بالعالم الافتراضي لايمكن للإنسان من الاستغناء عن نبض الحب ودفء المشاعر الإنسانية. ولا يمكن لنا كبشر بقبول هيمنة العالم الرقمي على مشاعرنا، لتحل العائلة الافتراضية بدلا من العائلة الواقعية.