ندرك جميعاً أهمية الموسيقا ودورها في الفن بأشكاله كافة، وخصوصاً في الدراما والمسرح والسينما عبر ما يطلق عليه الموسيقا التصويرية، حتى تكاد تكون بطل العمل في كثير من الأعمال، لما تشكله من تأثير عند المشاهد، وما تتركه في نفسه من ردود أفعال وتوقعات عبر تلون الموسيقا وتسارعها تارة، أو ارتفاع الصوت وانخفاضه تارة أخرى.
ولكن ما شاهدناه في عرض”الميوزيكل “على مسرح دار الأوبرا وبتوقيع المايسترو رعد خلف، كانت الموسيقا البطل الأساس الذي يحرك العمل، إلى جانب “الحكاية” البسيطة التي تحكي قصة حب أراد لها الأهل من بيئتين مختلفتين ألا تتم تلبية لعادات قديمة لم تعد تصلح لزمان اليوم ومتطلباته، لتنتهي هذه القصة بانتصار الحب على الخلافات جميعها، وليعلن بقوة “أن المحبة ولو قست القلوب لابد أن تنتصر”.
لن ندخل في تفاصيل العمل وتقنياته، والطريقة الجديدة التي قدمها وأعادنا إلى الزمن الجميل، والمسرح الغنائي وروعة الحضور على المسرح وتفاعل الجمهور مع الشباب الذين استطاعوا بمهارة أن ينقلوا همومهم عبر حركات مدروسة من تصميم معتز ملاطية، ولكن يجب أن نتوقف عند هذا العمل الذي انحاز إلى مسرح المنوعات الاستعراضي، واضعاً التأليف الموسيقي في الواجهة، كبطل رئيس يحرك أحداثه ببراعة كبيرة، وهذا يؤكد دور الموسيقا في الارتقاء بذائقة الجمهور، وأنها تستطيع أن تكون فاعلة في أحلك الظروف وأكثرها قسوة.
وهذا يحيلنا بالطبع إلى المدارس وضرورة العناية بدروس الفنون جميعها وعلى رأسها الموسيقا، وإعطائهم فرصة للتعرف على هذا العالم الساحر، ولكن للأسف فغالباً ما تستبدل هذه الحصص بمواد أخرى، لقناعة المدرسة أنها الأهم والأكثر جدوى، في حين تشكل الموسيقا كما القراءة عالماً من الإبداع، ولطالما شكلت الموسيقا علامة فارقة في حياة الكثير من العظماء، فماذا لو عادت هذه الحصة الموسيقية إلى أطفالنا؟
صوت الموسيقا ينتصر للخير والمحبة والسلام، فليكن للموسيقا بيتاً نقصده جميعاً وننهل من معينه لحظات نلملم فيها إنسانيتنا التي بدأت تتلاشى وتنهار.