ظافر أحمد أحمد:
لا تقتصر السياسة الصهيونية على عملها التاريخي الممنهج بكل الثقل الدولي الذي وقف ويقف خلفها للتركيز على توسيع الخلافات العربية والفرقة بين دولهم، بل بات يتركز أيضا على توسيع برامج يمينية متطرفة ممنهجة تستهدف وجود فلسطينيي الداخل (أي عرب 48)، لأنّهم العقبة الأكبر في تنفيذ ما يسمى بـ (الدولة اليهودية) وترسيخها على الأرض التاريخية لفلسطين.
والمفارقة أنّ كل حالة الضعف العربي التي أنتجت خطوات تقارب (عربي- إسرائيلي) وأدت إلى قرارات أممية خاصة بالقضية الفلسطينية ترتكز كلها وفق المعلن على مفهوم الدولتين، أي تحويل أرض فلسطين التاريخية إلى دولة للفلسطينيين ودولة للإسرائيليين، ولكن اليمين الإسرائيلي شديد التطرف والذي يزداد نفوذه في صفوف الكيان الإسرائيلي، لا يخفي توجهاته وبرامجه الممنهجة في نسف أيّ شكل من أشكال الدولة الفلسطينية بصلاحيات سيادية..، ولا يخفي توجهاته في تطبيق (الدولة اليهودية) التي لا يمكنها قبول عرب (مسلمون ومسيحيون) داخلها.
ومع أنّ الخطاب الصهيوني الرسمي ورقياً وفي مواقع حكومية كان ولسنوات طويلة يقرّ بأهمية القدس بالنسبة لليهود والمسيحيين والمسلمين..، فإنّه مع استلام اليمين الإسرائيلي لزمام الحكم ومع زيادة نفوذ الأحزاب الإسرائيلية الدينية المتزمتة في صفوف الإسرائيليين يتم العمل على تغييب أيّ أهمية للقدس إلاّ لليهود)، ولهذا يتجرأ بعض زعماء التطرف الإسرائيلي بالحديث علناً على ضرورة هدم الأقصى، وبناء الهيكل اليهودي مكانه.
ويمكن الإشارة إلى الموقع الرسمي لـ”وزارة الخارجية الإسرائيلية” خلال سنوات ما كان يعرف بحكم اليسار الإسرائيلي للكيان فكان يتضمن معلومات يسميها تاريخ إسرائيل ويعرض بأنّ(هيكل سليمان في القدس هو أهم الإنجازات التاريخية كمركز الحياة القومية والدينية للشعب اليهودي)..، ولذلك اشتهرت الحفريات السرية والعلنية حول وتحت الأقصى، ولكن اليمين المتطرف أصبح مستعجلا جدا على حرمان عرب 48 من المسجد الأقصى بكل معانيه التاريخية والإسلامية، مع أنّهم يشكلون 20بالمئة من المجموع السكاني الواقع تحت سلطة الاحتلال.
ويحدث منذ سنوات تضييق إسرائيلي أكبر على عرب 48 خصوصاً أنّ الكيان الإسرائيلي بكل تجاربه معهم لم يتمكن على حملهم لمغادرة فلسطين المحتلة، وعجز عن تخفيض حراستهم لأقصاهم ومسرى نبيهم..، بل وباتت الصفعات الكبرى التي تحمل أبهى صفات المقاومة تنبع من صفوفهم..، ولذلك فإنّ شعور اليمين الإسرائيلي يرتبط بخطاب استعلائي يرتكز على أنّهم (أخضعوا) العرب ولكنهم لم يتمكنوا حتى الآن من إخضاع (عرب48)، وهذا هو معيار المعركة الكبرى إسرائيلياً بكل تداعياتها على شتى شؤون القضية الفلسطينية التي تعرضت وتتعرض لعمل دولي وأممي ممنهج كي تفقد مواصفات القضية.
وهاهم عرب الـ 48 يقولون لكل العالم من أقرب نقطة إلى مركز الاحتلال الإسرائيلي قضيتنا الرئيسية هي القضية الفلسطينية والحرية.