الزراعات التعاقدية مسؤولية من…؟! اتحاد الفلاحين أم الشركات المصنعة ؟ وهل السيولة تؤدي لعزوف الفلاحين عن تسليم محاصيلهم ؟
وفاء فرج
في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعرضت لها العديد من الشركات الصناعية العامة التي يرتبط عملها بما ينتجه الفلاحون وعزوف الأخيرين عن توريد إنتاجهم لهذه الشركات لأسباب متعددة منها ما هو محق ومنها ما هو مرتبط بجشع السماسرة وتجار الأزمات ممن يصطادون بالماء العكر فكان ذلك على حساب الشركات ما انعكس سلباً على أدائها واستمرارها بالعمل ورفد السوق بالمنتجات، بالتالي السؤال المهم هو كيف نستطيع ربط الزراعة بالصناعة بحيث تشكل قيماً مضافة وسلسلة تصنيعية تبدأ من الأرض إلى المصنع في ظل وجود شركات كالكونسروة والألبان تعتمد في مستلزمات إنتاجها على الإنتاج الزراعي الحيواني ؟
ربط الخطة الصناعية بالخطة الزراعية
مدير المؤسسة العامة للصناعات الغذائية المهندس إبراهيم نصرة أشار إلى أنهم يقومون من خلال التعاون والتنسيق مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بالعمل لزيادة المساحات المزروعة وفق الطاقات القصوى المتاحة للمعامل لمحاولة تأمين المادة الأولية، حيث يتم ربط الخطة الصناعية بالخطة الزراعية ويتم التنسيق سنوياً من خلال تحديد طاقات المعامل والشركات.
وأشار إلى أن مسؤولية التنسيق والتعاون ما بين الفلاح والشركات تقع على كافة الجهات ذات الصلة، حيث يتم التنسيق بين وزارة الصناعة(المؤسسة الغذائية) والاتحاد العام للفلاحين – اتحاد غرف الزراعة ووزارة الزراعة، حيث سعت هذه الجهات لإلغاء دور الوسيط التجاري من خلال تفعيل الزراعة التعاقدية والشراء المباشر من الفلاحين وتشكيل لجان مشتركة مع الاتحاد العام للفلاحين واتحاد غرف الزراعة لتأمين المادة الأولية(بندورة – حليب).
وحول إن كان هناك أسباب حقيقية لهذا الإحجام وخاصة إذا ما علمنا أن البعض يدعي أن الشركات لا تلتزم بدفع قيمة المحاصيل في الوقت المحدد قال نصرة: الشركات تعاني من صعوبة تأمين المادة الأولية بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ونقص السيولة إلا أنها ملتزمة تجاه موردي المواد الأولية ويتم تسديد قيمة هذه المواد من خلال السلف الممنوحة لها لشراء مستلزمات الإنتاج في المواسم الزراعية كالعنب.
تفعيل دور الاتحاد والغرف
من جهته مدير عام شركة كونسروة دمشق أحمد الأحمد أوضح أنه في بداية الشهر السابع من كل عام تبدأ الشركة الحديثة للكونسروة باستقبال ماده حب البندورة وتتنوع مصادرنا وأهمها محافظات درعا والسويداء وريف دمشق ويتم استقبالها من باب الشركة والتسعير للكيلو غرام الواحد من قبل لجنه مشتريات الشركة بعد سبر أسعار السوق آخذين بالحسبان أسعار سوق الهال وأسعار المزارعين والأسعار الرائجة مبيناً أن الشركة تواجه عده صعوبات في استقبال المادة المذكورة سابقاً تتمثل في ضعف السيولة النقدية لتسديد قيم البندورة المستجرة من المزارعين بشكل دوري ومتتالٍ، وافتقار شركتنا إلى آليات ثقيلة أو شاحنات لكي تتوجه بنفسها إلى المزارعين لاستجرار المادة أسوة بالسورية للتجارة، حيث ينعكس هذا الأمر بشكل مباشر على تكلفه الإنتاج ومنع السماسرة والتجار والوسطاء بالدخول بالعلاقة ما بين الشركة والمزارعين وما يضيفونه من عمولات على سعر الكيلو غرام الواحد وايصالها إلى الشركة للوصول إلى علاج تلك المسألة يجب أن تمنح الشركة سلفة مالية من وزاره المالية واعتبار محصول البندورة محصولاً استراتيجياً كالقمح والتبغ، حيث يعود بالفائدة المباشرة للمزارع والشركة وإلغاء دور الوسطاء والسماسرة وجشعهم وخاصة أن الشركة قادرة أن تقوم بذلك الدور عند توفر شقين؛ هما السيولة النقدية عن طريق سلفة لا تقل عن ٥ مليارات ليرة وتأمين شاحنتين لنقل ١٠٠و١٥٠طن بندورة يومياً الأمر الذي ينعكس على خفض تكاليف الإنتاج وإخراج ماده البندورة كمنتج نهائي دبس البندورة، ومن خلال تلك العملية يتم خلق سوق جيد والتدخل الايجابي في السوق المحلية وأيضاً هناك شق ثالث أن يقوم اتحاد الفلاحين كمنظمة عن طريق الاتحادات الفرعية في المحافظات بدور الوسيط النزيه والجيد ما بين المزارعين والشركة لإتمام ايصال مادة البندورة من المزارعين ولكن لم يتم التواصل مع الشركة لبلورة هذه الرؤية إلى أرض الواقع وتمت مراسلة الاتحاد لتوريد البندورة ولم نلق أي رد، والشركة عازمة خلال موسم عام ٢٠٢٣على عقد جلسة مع الاتحاد لتأمين البندورة من قبلهم.
وتمنى الأحمد أن يتم رفد الشركة بسيارتي شحن كبيرتين باستطاعة ١٥٠طناً إما عن طريق شراء وإما فرزها عن طريق السورية للتجارة
المنافسة وقلة السيولة
من جانبه مدير شركة ألبان دمشق أحمد طحطوح أوضح أن أحد أهم وأبرز معوقات العمل التي كانت تعاني منها الشركة في الفترات السابقة قلة توريد المادة الأولية الأساسية في العملية الإنتاجية وهي الحليب الخام بسبب المنافسة من القطاع الخاص وجذب الفلاحين وارتفاع الأسعار لكن الشركة قامت مؤخراً بإبرام عدة عقود توريد مع الفلاحين والتعاقد مع مبقرة الغوطة لاستجرار الحليب يومياً منذ مطلع العام الحالي لتأمين استمرارية العمل وتسعى جاهدة للتعاون مع اتحاد الفلاحين والجمعيات الفلاحية لتأمين الحليب الخام بكميات كبيرة وبمواصفات جيدة.
الشركات الصناعية العامة الضمانة
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للفلاحين رئيس مكتب التسويق والتصنيع أحمد هلال الخلف أوضح أن الضمانة الحقيقية للفلاحين في شركات القطاع العام التي تستوعب الإنتاج من الفلاحين أثناء الذروة مثل شركات الكونسروة التي تأخذ القسم الكبير من إنتاج البندورة مع العلم أن المحصول سريع العطب ويتطلب التسويق المباشر والسريع وكذلك الألبان.
وبين أنه في السنوات الأخيرة أصبح عزوف أغلب الفلاحين عن التوريد لهذه المؤسسات لأسباب عدة منها السعر المنخفض والتأخير في الدفع أحياناً يتجاوز الشهور ونتيجة الظروف الصعبة والغلاء في مستلزمات الإنتاج يفضل الفلاح بيع إنتاجه للتاجر مباشرة لتسديد تكاليفه المالية.
وأكد أن التعاون ما بين الفلاح والشركات يمكن أن ينشط من خلال الزراعة التعاقدية، أي إن هذه الشركات تقدم وتسهم بسلف مالية أو تأمين مستلزمات الإنتاج للفلاح وتأخذ منه الإنتاج حصرياً بسعر متفق عليه بينهما بحيث يطمئن الفلاح على تعبه وإنتاجه وتحقيق نسبة ربح لتسديد مصاريفه.
وأخيراً .. لنجاح ربط الإنتاج بالتصنيع لابد أن تتحقق مستلزمات هذه العملية ومقوماتها بمساعدة الفلاحين ورفدهم بمستلزمات إنتاجهم أو تأمينها بأسعار مناسبة من خلال التعاون مابين كل من اتحاد الفلاحين ووزارتي الزراعة والصناعة واتحاد الغرف الزراعية وإعطاء سعر مناسب على غرار محاصيل القمح والقطن، بحيث يتشجع الفلاح لتسليم محصوله لهذه الشركات ولا يلجأ للسماسرة والتجار وبالتالي نضمن تحقيق ربط الإنتاج الزراعي بالتصنيع.