ظافر أحمد أحمد:
يتهرب كثيرون من حقائق ترتبط بالقضية الفلسطينية، لذلك مع كل تصعيد يخص الفلسطينيين، لا بد من هزّ العقل العربي وشتى القناعات السائدة أممياً حول فلسطين المحتلة بالسؤال: هل الجغرافيا الفلسطينية واسعة إلى درجة أنّها تستوعب الفلسطينيين والإسرائيليين معا؟ وبالتالي: هل بمقدور القرارات الأممية التي صدرت أو ستصدر تطويع تلك الجغرافيا والديموغرافيا لتتناسب مع فرض سلام وبالتالي تعايش فلسطيني إسرائيلي؟
لا بدّ من القراءة في أبرز ما ورد في أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤخراً، حول عدد السكان الفلسطينيين في فلسطين التاريخية فقد بلغ حتى نهاية عام 2022، نحو 7.1 ملايين، وهو بذلك يتقارب مع عدد اليهود في فلسطين التاريخية.
ومع الإشارة إلى أنّ عدد الفلسطينيين فـي العالم حوالي 14.3 مليون فلسطيني فهذا يجعل الكيان المحتل يحارب على كل الأصعدة لطي ملف حق العودة وبالتالي يعتبره الكثيرون أعقد بنود القضية الفلسطينية، وبما يؤكد حقيقة أنّ خلاصة القرارات الدولية التي صدرت في طريق ما يسمى حل القضية الفلسطينية وجملة الاتفاقات المبرمة بهذا الشأن ما هي إلاّ خلاصة لا تتناسب مع حقائق النمو السكاني للفلسطينيين والنمو السكاني الخاص بالمستوطنين..، ويشكل حل الدولتين جغرافيا “رومانسية” لا تتناسب مع حق عودة الفلسطيني إلى المكان الذي هجّر منه تحديداً.
وفي الشؤون الديمغرافية لا بد من التنبه الدائم إلى الكثافة السكانية الأثقل عالمياً لدى قطاع غزة، وهي كبيرة أيضاً في الضفة الغربية ومع ذلك فإنّ برامج الاستيطان وتوسيع المستوطنات تقضم بالتدريج من الضفة ما أمكن، بشكل يضيّق الجغرافيا أكثر وأكثر على فلسطينيي الداخل.
وفي خفايا معدل النمو المتقارب فلسطينياً وإسرائيلياً، ما يكفي من خلخلة الجغرافيا والديموغرافيا في نطاق فلسطين التاريخية، فالنمو الأعلى يتم تسجيله لدى المستوطنين الحريديين شديدي التطرف والذين لا يعترفون حتّى بحق الحياة للفلسطينيين ولديهم كامل الشهية لمزيد من الاستيطان على حساب المساحات التي تضيّق على فلسطيني الضفة والقدس.. وغيرهم.
ولا يجب أن يؤدي التصعيد الحاصل في فلسطين المحتلة إلى التغاضي عن مخطط إسرائيلي جديد بهدم مبان فلسطينية وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، ويشمل إضافة 100 ألف مستوطن خلال سنتين، ونصف مليون مستوطن خلال عشر سنوات، إضافة إلى نصف مليون مستوطن موجودين حاليا فيها.
والحقائق الخاصة بتوسيع الاستيطان وأنظمة الطوارئ العنصرية المطبقة على الضفة وفرض سلطة الاحتلال أيضا على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967بشتى الممارسات الوحشية (طرد إبعاد ترحيل اعتقالات..، وإعطاء المستوطنين صلاحيات واسعة بالاستيطان والتهويد..)..، تؤدي كلّها إلى حقيقة وضع شتى السياسات والجهود الخاصة بحل القضية الفلسطينية حتى الآن في خانة التجميل، في حين أنّ حقائق الديموغرافيا في تصارع رهيب على أرض فلسطين المحتلة.