“غلوبال ريسيرش”: عقوبات الغرب على روسيا ارتدت عليه

الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
في 3 كانون الثاني الماضي، راجع صندوق النقد الدولي (IMF) توقعات الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بالزيادة، متوقعاً أن ينمو بنسبة 0.3٪ هذا العام، وهو تحسن ملحوظ عن التقدير السابق بانكماش بنسبة 2.3٪ ، على الرغم من أن بعض قطاعات الاقتصاد الروسي تواجه مشاكل منذ بداية العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
إضافة إلى ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن تظل أرقام تصدير النفط الخام الروسي قوية جداً حتى في ظل الحد الأقصى الحالي البالغ 60 دولاراً للبرميل على السعر الذي يمكن أن يفرضه على النفط، كما يفرضه الاتحاد الأوروبي.
هذا في حد ذاته مثير للاهتمام بما فيه الكفاية، ولكن وفقاً للصحفي الاقتصادي ماثيو كلاين، المؤلف المشارك لكتاب (الحروب التجارية هي حروب طبقية)، كانت قيمة الصادرات العالمية إلى روسيا في تشرين الثاني 2022 أقل بنسبة 15 في المائة فقط من متوسط أرقام ما قبل الأزمة الأوكرانية.
علاوة على ذلك، يقدر أنهم ربما عادوا بالفعل إلى تلك الأرقام في كانون الأول من العام الماضي، على الرغم من عدم توفر الكثير من بيانات التجارة للشهر الماضي حتى الآن.
تشكل العقوبات المفروضة على روسيا جزءاً من الحرب الاقتصادية الحالية، والمشكلة، من منظور غربي هي أن القوة الأوروبية الآسيوية ليست كوبا ولا كوريا الشمالية، وبالتالي ليس من السهل عزلها كما اعتقدت النخب السياسية الغربية.
ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى صعود موسكو في التجارة مع الجيران والشركاء الإقليميين والحلفاء، وفقاً لآنا سوانسون، التي تكتب عن التجارة الدولية في صحيفة نيويورك تايمز، في عالم ما بعد العقوبات، حيث تمكنت التجارة الروسية من إعادة توجيه نفسها بشكل أساس إلى دول أخرى، مثلاً في أرمينيا.
وحسب تصريحات سوانسون، فقد ارتفعت صادرات الهواتف الذكية إلى دولة (سلاف الشرقية) وأيضاً رقائق الكمبيوتر، وعدد من المنتجات الأخرى من دول مثل قيرغيزستان وكازاخستان وتركيا، كما وصلت صادرات الصين إلى روسيا إلى مستوى قياسي في كانون الأول الماضي.
المفارقة في هذه التطورات الجديدة هي أنها قد تعزز التكامل الأوراسي وبعض المقترحات لتوسيعه بشكل أكبر، بهدف شمول المنطقة التي كانت الدولة السوفييتية تطالب بها سابقاً وهي المنطقة ذاتها التي وصفها الجغرافي البريطاني هالفورد ماكيندر باسم هارتلاند، ولا تزال السياسة الخارجية لواشنطن تتشكل إلى حد كبير من خلال أفكار ماكيندر حول السيطرة على قلب أوراسيا للسيطرة على العالم.
تم التوقيع على معاهدة الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي (EAEU) في أيار 2014 من قبل روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان، والتي انضمت إليها لاحقاً أرمينيا وقيرغيزستان، وهذا التكتل لاعب رئيس في صناعة الأسلحة والطاقة والمواد الخام العالمية، فضلاً عن الإنتاج الزراعي.
كما تتمثل بعض أهدافها الرئيسة في تطوير سوق واحدة، وبالتالي تحقيق حرية تنقل الأشخاص والسلع ورأس المال والخدمات، وهي تسعى أيضاً لزيادة تجارتها مع شرق آسيا.
في عالم اليوم، أصبح عزل الصناعات المحلية عن النزاعات الجيوسياسية أمراً صعباً بشكل متزايد، وتسعى موسكو إلى تعزيز الاتحاد الأوروبي الآسيوي إلى جانب منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومجموعة البريكس.
حيث تركز EAEU على التكامل الاقتصادي والتنمية في منطقة أوراسيا، في حين أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي مكلفة بالمسائل الأمنية المتعلقة بالسيادة الإقليمية لدولها الأعضاء.
من وجهة نظر واشنطن، إن مثل هذه التجمعات والتطورات تشكل تهديداً للهيمنة الأمريكية العالمية أحادية القطب، وبالتالي يُنظر إليها بعين الريبة والعداء.
وبالتالي، فإن التحدي الذي تواجهه دول مثل أرمينيا سيشمل موازنة علاقاتها الثنائية مع الغرب الذي تحركه عقلية الحرب الباردة ومع شركائهم في أوراسيا.
باختصار، لقد تم الحديث كثيراً عن أن العقوبات الغربية ضد روسيا قد أدت إلى نتائج عكسية إلى حد كبير، ولكن علاوة على ذلك، فإنها أيضاً تعيد تشكيل التجارة الدولية، ما قد يمهد الطريق لفرص جديدة في منطقة أوراسيا.

المصدر: غلوبال ريسيرش

آخر الأخبار
الرئيس الشرع إلى البرازيل.. فهم عميق للعبة التوازنات والتحالفات      هل يشهد سوق دمشق للأوراق المالية تحولاً جذرياً؟  لحظة تاريخية لإعادة بناء الوطن  وزير الاقتصاد يبحث مع نظيره العماني تعزيز التعاون المستشار الألماني يدعو لإعادة اللاجئين السوريين.. تحول في الخطاب أم مناورة انتخابية؟ صناعة النسيج تواجه الانكماش.. ارتفاع التكاليف والمصري منافس على الأرض القهوة وراء كل خبر.. لماذا يعتمد الصحفيون على الكافيين؟ إعادة التغذية الكهربائية لمحطة باب النيرب بحلب منظمة "يداً بيد" تدعم مستشفى إزرع بمستلزمات طبية إعادة الإعمار والرقابة وجهان لضرورة واحدة حملة لإزالة الإشغالات في أسواق الحميدية ومدحت باشا والبزورية محافظ درعا يبحث مع السفير الإيطالي الاحتياجات الخدمية والتنموية من الدمار إلى الإعمار... القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار الموارد البشرية المؤهلة … مفتاح التغيير المؤسسي وإعادة البناء بدء مشروع تخطيط طريق حلب – غازي عنتاب كيف فرضت "البالة" نفسها على جيوب الحلبيين؟ سوريا تؤكد أمام اليونسكو التزامها بالتحديث التربوي الأمم المتحدة: بدء مرحلة ميدانية جديدة في سوريا للبحث عن المفقودين بعد سقوط النظام انتهاكات إسرائيلية ضد المدنيين وعمليات توغل هستيرية الشهر المنصرم صدام الحمود: زيارة الشرع لواشنطن تعيد سوريا إلى واجهة الاهتمام الدولي