ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: تتسابق الأسئلة والأجوبة في مضمار واحد.. وتتسابق الأحداث ونتائجها في السياق ذاته أيضاً، وبينهما ثمة انتظار.. يضع هوامش, بعضها حواجز وبعضها الآخر موانع عبور إلى الضفة المنتظرة التي يراهن عليها السوريون وقد كسبوا رهانها. كثيرة هي الأسئلة التي ننتظر إجاباتها، وكثيرة هي التساؤلات التي تحتاج صناديق الاقتراع لشرح موجباتها في استحقاق وطني يفرض أهميته من استثنائية الظرف والحدث معاً، ويملي حضوره في اختبار إرادة جديد.
وفيما تبدو هذه الإجابات بحكم المؤكدة نتيجة جملة من المؤشرات، فإن التساؤلات المعلقة لابد لها من بعض الوقت حتى تستكمل شروحها الأولى في عملية باتت اليوم موضع اختبار وطني قدم فيه السوريون على مدى الأشهر الماضية كشف حساب، واجتازوا عبره المفازات الصعبة التي مافتئت تتراجع رويداً رويداً، وينتظرون الحسم النهائي لها.
في المبدأ العام تأتي الانتخابات التشريعية تتويجاً عملياً لسلسلة من الخطوات والاختبارات الوطنية الكبرى والاستحقاقات السياسية التي تضع المشروع الإصلاحي على بوابة الانطلاق ، وتختتم بذلك مرحلة الإعداد الفعلي لإنجاز هيكلية متجددة للنظام السياسي العام.
وبالمنطق ذاته تسجل الانتخابات تحدياً واضحاً لكثير من المراهنات الخاسرة سلفاً، بحكم أن الإصرار على إجرائها رغم الظروف المحيطة شكل الرسالة الحقيقية المنتظرة لإرادة الإصلاح، لأن مايترتب عليها من نتائج سيعيد اطلاق ورشة البناء السياسي بمكوناته الوطنية المختلفة.
وفي الجوهر يبدو التحدي الأساسي وقد حسمته الحالة الاجتماعية والتفاعلات الحاصلة في الترشيح وصولاً إلى التحالفات التي أفرزت حتى الآن جملة معطيات واضحة على توجهات أفضت إلى بروز رؤية إيجابية لدى طيف واسع من السوريين رغم الملاحظات أحياناً التي قد تكون حالة صحية إذا ما أخذنا فيها حسن النية، وهي متوفرة بلاشك.
وعليه تسجل في هذه الأيام مشاهد حقيقية على متغيرات أعادت انتاج الثوابت الوطنية وفق منهج حضرت فيه وبقوة التطورات الأخيرة، حيث ترقب وجوهاً تدخل ساحة السباق وقد جددت من أدوات العمل، بل وأضافت قيماً لم يكن متاحاً اضافتها لولا هذا المناخ الذي يسود اليوم.
اللافت أن المتغير الحقيقي والجوهري يرتكز في مؤشراته على رؤية سياسية أنضجت إلى حد بعيد مفاعيل المرحلة ودفعت بها لتكون الواجهة الجديدة للعمل البرلماني.
صناديق الاقتراع المنتظرة لاتقتصر مهمتها على احتواء أصوات السوريين وأسماء الذين اختاروهم ليكونوا ممثليهم في مجلس الشعب، بل هي تشمل نتائج الحسم الكلي لكثير من القضايا المعلقة بما فيها تلك التي طرحتها الأسئلة المؤجلة والتساؤلات الخارجة للتو من رحم الأزمة أو تلك التي جاءت في هوامشها.
والأهم وفق معايير النظرة العامة أن المشاركة في هذه الانتخابات تبدو مدفوعة بعوامل كثيرة وفي مقدمتها الرغبة في الإعلان المسبق عن أن الإرادة التي انتصرت عبر الأشهر الماضية لابد من ترجمتها، ولابد من ترسيخ حضورها في خطوات البرنامج الإصلاحي. ووفق هذا المقتضى فإن التفاعل الجماهيري في ساحات المدن السورية قد يختصر الجوهر الفعلي للاستحقاق الوطني الأهم، وهي ترسم علامتها الفارقة في التحول الجديد باعتباره يدشن مرحلة نوعية جديدة في حياة السوريين سيكون لها أثرها المباشر في خطواتهم القادمة .
وفي الآن ذاته فإن مفاعيله لن تكون فقط في دائرة الدور أو الحيز الذي اعتاد العمل النيابي أن يشغله، بل لها حضورها وتأثيره في مجمل جوانب الحياة السياسية القادمة، وبثقل نوعي نجزم أن أغلبية السوريين يراهنون عليه للحسم في القضايا الأخرى التي تنتظرهم.
a-k-67@maktoob.com