تعيش بلدنا منذ فجر أول أمس الاثنين وحتى الآن تحت وطأة الآثار التي خلفها الزلزال الكبير الذي أصابها ودمر المئات من أبنية عدة محافظات فيها، وقتل وأصاب وشرد الآلاف من أبنائها.
ومع استمرار الوضع وارتفاع عدد الوفيات والحاجة الماسة لتقديم الدعم النفسي والعيني والمادي للمتضررين من دون تأخير، في محافظات حلب واللاذقية وحماة وطرطوس، يمكننا القول: أن التحرك العاجل من الدولة بمؤسساتها الرسمية والشعبية والأهلية كان مميزاً، بفضل توجيهات السيد رئيس الجمهورية في الاجتماع الطارئ الذي ترأسه لمجلس الوزراء، ومن ثم حسن تنفيذ هذه التوجيهات من قبل الحكومة ووزرائها ومؤسساتها والتي تجسدت بخطة عمل إنقاذية وإغاثية محددة، ومن ثم متابعة تنفيذها ميدانياً من قبل لجان وزارية إضافة للمسؤولين في السلطات المحلية بالمحافظات
والاستجابة لدعم المتضررين لم تقتصر على الجهات الرسمية، إنما شملت الأحزاب والمنظمات والنقابات والاتحادات والغرف، حيث قامت كلّ جهة منها بوضع خطة عمل تتناسب مع مهامها وإمكاناتها، فالبعض منها شكل فرقاً تطوعية لخدمة المتضررين والمساهمة بإنقاذ المتبقين تحت الأنقاض، والبعض وضع إمكاناته اللوجستية تحت تصرف الجهات الرسمية، والقسم الثالث قدم تبرعات عينية ومادية، ماشكّل لوحة رائعة للمجتمع السوري وتكاتفه وتكافله في الأزمات مع بعضه البعض، رغم أوضاعه القاسية بسبب الحرب والحصار
وهنا نقول: إن ماتقوم به الدولة والمجتمع اتجاه المناطق المنكوبة وسكانها ليس كافياً لوحده، نظراً لعدم توفر الكثير من مستلزمات العمل والإنقاذ والمعدات الضرورية، أما بسبب قانون قيصر سيئ الذكر وفق ما أشارت إليه وزارة خارجيتنا أمس، وأما بسبب عدم توافر إمكانية توريدها بالقطع الأجنبي بعد حرب إرهابية علينا، وهذا ما أخّر إنقاذ الكثير من الموجودين تحت الأنقاض وأدى إلى موت معظمهم، ومازال هناك آخرين لم يتم إنقاذهم، وبالتالي فإن دعم الأشقاء والأصدقاء في هذا المجال إضافة لمجالات أخرى أمر في غاية الضرورة أخلاقياً وإنسانياً بعيداً عن أي حسابات سياسية، وهذا ماقامت وتقوم به عدة دول عربية وغيرعربية كما نقرأ ونشاهد في وسائل الإعلام بينما لم تتحرك دول أوروبا وأميركا الشمالية التي تتشدق بحقوق الإنسان والإنسانية ودول أخرى تدور في فلكها
وأختم بالقول: سوف تظهر نقاط قوة ونقاط ضعف كثيرة في تعاملنا مع آثار هذا الزلزال المدمّر، وتقييم ذلك مهمة وطنية حتى نعزز نقاط القوة ونتدارك نقاط الضعف مع اي كارثة وطنية طبيعية أو غير طبيعية قد تقع مستقبلاً.