الثورة – فردوس دياب:
” ماما.. هذه بعض ألعابي أقدمها للأطفال الذين تدمرت بيوتهم وهذه رسالة حب إليهم”، هذا ما قالته لي ابنتي تيا ذات السبعة أعوام، اجتاحني الصمت وداهمتني الدموع ولم أستطع الرد إلا باحتضانها والدعاء بأن يحفظ الله سورية وشعبها وأطفالها وناسها الطيبين.
هي كلمات قليلة ربما تختصر المشهد بأكمله، مشهد الحزن والوجع، ومشهد التآخي والحب الذي استطاع أن يكفكف الدموع ويمسح الجراح ويرسم لوحة جميلة من الأمل تحيي في قلوبنا ما يحاول اليأس أن ينزعه ويقتلعه من جذوره.
هو تحد من نوع جديد ومعركة لم يعهدها السوريون من قبل، فعدوهم هذه المرة الطبيعة التي أفرغت غضبها فوق أجسادهم وأرواحهم الغضة التي أنهكها الحزن والألم بعد سنوات طويلة من الحرب والفقدان.
دفن الزلزال تحت أنقاضه جزءاً من أجسادنا وبعضاً من أرواحنا، لكنه لم يستطع رغم شراسته أن يدفن إنسانيتنا أو إرادتنا أو إصرارنا على الحياة والعبور إلى النور.
لقد زعزع الزلزال أركان الأرض والأبنية، لكنه لم يستطع أن يزعزع أركان إيماننا بالله، وإيماننا بأنفسنا عندما نتكاتف ونتحد وننصهر في بوتقة واحدة من الحب والتآخي والتآزر.
إن صور التكاتف والتضافر التي شاهدناها في كل المحافظات والمدن السورية، جسدت قدرتنا وعزيمتنا على تجاوز هذه المحنة والخروج منها أقوى وأصلب وأكثر قدرة على العطاء وإعادة بناء ما دمره الزلزال والإرهاب.
ظروف عصيبة نمر بها جميعاً، لكننا قادرون بمحبتنا على أن ننهض من تحت هذا الركام، ركام الوجع، وركام الزلزال الذي هزنا من الداخل وفتح لنا منافذ ضوء ونور نحو الخلاص والأمل وبأقرب وقت ممكن، وسنبقى كالجبال الشامخة سنداً لبعضنا البعض ولن تستطيع الزلازل تدمير قيمنا ومبادئنا وإنسانيتنا وإرادتنا في الحياة والعيش بسلام.