المصاب الجلل بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، وأحدث هذا الدمار في بلدنا الحبيبة، وخلف ألماً كبيراً بسورية وأهلها، فطر قلوبنا وقلوب الأصدقاء والأشقاء الذين هرعوا لنجدتنا، على عكس فاقدي الإنسانية والضمير الحي في أميركا ومن يلف لفها من أدواتها وأتباعها.
العالم أجمع صدم من هول الكارثة وبات الحليم حيراناً بعد رؤية صور الأطفال والشيوخ وهم تحت الأنقاض، ذاك حي وآخر بات ضحية، وقصص وصور وفيديوهات تعتصر لها القلوب ألماً، لكن السوريين، وكما هي عادتهم وأصالتهم ونبلهم وتكاتفهم وتعاضدهم، كانوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر، فانتشرت صور نبلهم وهم ينقذون ويساعدون، ويتبرعون بالغالي والنفيس ليبلسموا جراح إخوتهم المنكوبين.
فلم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هول الكارثة، بل انطلقوا كالشلال الهادر للملمة الجراح ومواساة من ألمت بهم هذه الفاجعة وأوجعتهم إلى حد فاق التصور.
وكم كانت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد إلى حلب واللاذقية واطمئنانه على المصابين، وتوجهه إلى الموقع الذي تعمل فيه فرق الإنقاذ على رفع الأنقاض والدمار لانتشال المصابين والضحايا، واجتماعه بأعضاء غرف العمليات التي تضم الجهات الحكومية والمنظمات والجمعيات الأهلية والفعاليات التجارية والصناعية القائمة على إدارة ملفات الإغاثة، كم كانت بلسماً لجراح المنكوبين، وكم كانت مواساته لأهالي من رحلوا عظيمة، فبادله الجميع بالمحبة.
لقد كان السوريون بمؤسساتهم وأسرهم ودولتهم ومنظماتهم وجمعياتهم الخيرية مثالاً يحتذى في الشهامة والأصالة والنبل والتكاتف، وتحولت سورية إلى ورشة عمل للتبرع والإنقاذ، وعلى مدار الساعة، وما زالوا يعملون بكل طاقاتهم رغم الحصار والعقوبات الظالمة ورغم نقص المعدات اللازمة، وسيبقون يحملون بطاقات الشكر لكل من وقف معهم وتنادى من أركان الأرض الأربعة ليقدم المساعدات لهم بكل سخاء، ويخفف الألم والمصاب الجسيم عنهم.
وستنهض سورية من تحت ركام الإرهاب وركام الزلزال كطائر الفينيق، ويحدوها الأمل والرجاء بغد جميل، مؤمنة بقضاء الله وقدرة أبنائها، وعطاء شعبها الكريم المعطاء.
جمال شيخ بكري