الثورة – تقرير أسماء الفريح :
بعد العدوان الهمجي لعصابات المستوطنين على عدة بلدات جنوب نابلس بالضفة الغربية الليلة الماضية والذي أدى إلى ارتقاء شهيد ووقوع مئات الإصابات، لاتزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل حصارها لمحيط نابلس منذ فجر اليوم.
وذكرت وكالة وفا بأن قوات الاحتلال لاتزال تغلق حواجز حوارة وعورتا وطريق المربعة وزعترة ومدخل بيتا جنوب نابلس فيما تعيق حركة تنقل الفلسطينيين على مدخل بلدة صرة جنوب غرب المدينة وتنتشر على مداخلها، كما واصلت إغلاق بوابة مدخل قرية اللبن الشرقية ما اضطر الأهالي إلى استخدام طرق بديلة وعرة بين الجبال للوصول إلى أماكن عملهم.
وشهدت ليلة أمس اعتداءات واسعة لقطعان المستوطنين على بلدات حوارة وعصيرة القبلية وبورين وغيرها وسط حماية وانتشار مكثف من قبل قوات الاحتلال.
وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس للوكالة، إن المستوطنين نفذوا نحو 300 اعتداء في البلدات المذكورة الواقعة جنوب نابلس، مضيفا أن يوم أمس شهد هجمة شرسة للمستوطنين واعتداءات غير مسبوقة من إحراق للمنازل واستهدافها والاعتداء على الفلسطينيين ما أدى إلى استشهاد سامح أقطش “٣٧ “عاماً وإصابة أكثر من 100 آخرين.
وبين أن المستوطنين استهدفوا نحو 30 منزلا في حوارة بين حرق وتكسير وإحراق 15 مركبة ومشطب مركبات، مضيفا أن بلدة بورين شهدت إحراق بركس وحظيرة أغنام وثلاث مركبات ومحاولة احراق أحد المنازل، فيما شهدت بلدة عصيرة القبلية إحراق منزل وخزان مياه ومشطب للمركبات في بلدة أودلا.
حوارة البلدة الصغيرة التي تقع إلى الجنوب من نابلس وتحفها الأشجار الخضراء من كل النواحي، كانت وسط النيران طيلة الليلة الماضية.. “كانوا ينقلون النار من مركبة إلى أخرى” وفقا لأحد أبنائها حسن عودة الذي هوجم منزله وأُحرقت أمامه نحو 15 مركبة كانت متوقفة “مضيفا أنه بعد أن أتت النار على المركبات كادت تصل إلى المنزل.
عودة حاول مع أبنائه الدفاع عن منزلهم وممتلكاتهم لكن النيران انتشرت بسرعة، ويقول الرجل الذي كان يذود عن عائلة مكونة من 15 فردا احتمَوا داخل جدران الغرف التي حطمت نوافذها “كنا أمام نارين: النار المشتعلة في المركبات، والنار التي يحاولون إيصالها إلى المنزل”.
وأشارت الوكالة إلى أنه في بعض الشوارع وقف الناس لمشاهدة منازلهم وهي تحترق دون أن يستطيعوا إطفاءها، وفي الشوارع الخارجية تعرضت مركبات الدفاع المدني وطواقمها للاحتجاز والاعتداء من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال.
وأوضحت أن مجموعات كبيرة من المستوطنين احتشدت على أطراف حوارة بعد تلقيهم تعليمات بهذا الخصوص بشكل مسبق قبل أن تدخلها وتبدأ بإشعال النار فيها، وقالت إن صياح أهالي البلدة واستغاثاتهم كانت تُسمع تباعا عبر البث المباشر في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن أي تحرك لمساعدتهم كان محفوفا بالمخاطر، فإضافة إلى وجود المستوطنين المسلحين كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تتمركز في كل مكان.
وأكدت الوكالة أن الطرقات إلى حوارة كانت كلها مغلقة وحتى في حال نجح بعض أهلها بالتحرك عبر الطرقات الجبلية عائدين إلى قراهم أو منازلهم فقد تنتهي رحلتهم بالقتل أو الاحتجاز الطويل، كما حدث مع سكان بلدات وقرى تقع إلى الشرق من نابلس.
وبينت أن أحد الذين كانوا ينقلون إحراق البلدة على الملأ عبر تقنية البث المباشر قال كلمتين تختصران حالتها “حوارة تحترق”.
وفي الإطار قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن العدوان الهمجي واسع النطاق، الجماعي والمنظم، الذي ارتكبته ميليشيات المستوطنين وعناصرهم الإرهابية، بمشاركة وإسناد الاحتلال، ضد الفلسطينيين المدنيين العزل وممتلكاتهم جنوب نابلس، خاصة في حوارة وبورين وعصيرة القبلية وغيرها هو “إرهاب دولة منظم، لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني وحقوقه في أرضه ووطنه”.
وأضافت الخارجية في بيان صحفي اليوم أن هذا العدوان يعكس العقلية الاستعمارية العنصرية التي تسيطر على العصابات الاستيطانية المسلحة، وتحريكها تجاه كل ما هو فلسطيني وعدم ترددها في ارتكاب جميع أشكال الجرائم التي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشارت إلى أن مشاهد حرق المنازل والمركبات تعيد إلى الأذهان جرائم إحراق المستوطنين لعائلة دوابشة ومحمد أبو خضير والمسجد الأقصى ومجزرة الحرم الإبراهيمي وغيرها من المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل النكبة وبعدها, مطالبة المجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال ووضع حد لإفلات المجرمين من العقاب.
بدوره أكد مندوب دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور أنه سيسلم مذكرة تفصيلية حول عدوان المستوطنين على الفلسطينيين جنوب نابلس إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي ورئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة، وقال “إن الدبلوماسية الفلسطينية تستنفر جهودها في المحافل الدولية كافة للجم عدوان الاحتلال ومستوطنيه ضد شعبنا”.
وأضاف أن الاتصالات متواصلة لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لإدانة العدوان وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى احتمال عقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن خلال اليومين المقبلين لكي يتحمل مسؤولياته في توفير الحماية لشعبنا الأعزل.
بدوره طالب مندوب فلسطين في الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة في جنيف إبراهيم خريشة واشنطن باتخاذ خطوات عملية ضد كيان الاحتلال والكف عن مطالبة الجانبين بعدم اتخاذ خطوات أحادية، مشيراً إلى أن هذا الكيان هو من يقوم بخرق يومي للقانون الدولي فيما تلجأ دولة فلسطين إلى المؤسسات الدولية ضمن حق كفله القانون الدولي لها.
وأكد خريشة أنه لا يكفي من دول العالم التعبير عن القلق من “تصاعد العنف” ومطالبة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بضبط النفس لأن ذلك غير مقبول.