الثورة- حسين صقر:
تبدو جميع الأمور دون قيمة، وكل الأشياء ترخص بعد مشاهد الموت والدمار التي عشناها، و بات كل مانملكه زهيد القيمة، كيف لا وفي غمضة عين تغيرت معالم الحي والشارع والأرض، وفقدنا أحباء وبقي منهم أناس أمام أعيننا معوقين وجرحى ومكلومين وثكالى وأرامل.
بهذه الكلمات وصف البعض من أهلنا ممن شهد الزلزال، ومنهم من سمع من عائلته أو أصدقائه خبر الكارثة.
وفي هذا السياق يقول المهندس طه اسكندر الذي أخبره أخوه من اللاذقية: إن حالة من القلق تسود بين سكان المدينة بعد الزلزال، والذي دفع بعضهم للبحث عن مأوى بديل خارج المدينة، لشعورهم بأن منازلهم لن تكون آمنة متخوفين من هزات أخرى قد تقع نتيجة الإشاعات والقراءات الكثيرة وتضارب الأنباء عن هزات ارتدادية قد تكون قوية أوضعيفة، وقال هذا ما دفع المستغلين من سوق العقارات لرفع أسعار المنازل، والإيجارات، حتى أن بعضهم يتحكم في المحتاجين.
وقارن اسكندر بين من فرغوا وقتهم ووضعوا أنفسهم بخدمة المتضررين، وقدموا لهم الإسعافات والمساعدة وبين هؤلاء الناس الذين يريدون الثراء على حساب الكارثة ومتضرريها،
وأضاف أن الأهالي تطاردهم هواجس ومخاوف مختلفة، متسائلين ماذا سيحل بهم فيما لاقدر الله لو كان حجم تلك الكارثة أكبر من ذلك.
ونبه من سريان الشائعات التي يستغلها البعض لتحقيق بعض الأهداف، لأن الناس في مثل هذه الظروف بحاجة للدعم النفسي وليس لتلك الأخبار التي تضعفهم وتسبب لهم القلق والخوف، وبدل من أن تقوى عزائمهم، تنهار قواهم ويقتلهم الوهن والخوف، وهنا لابد من حملات التوعية في وسائل الإعلام المختلفة، ودحض الأخبار التي تتناقلها صفحات التواصل الاجتماعي.
من جهته ذكر المحامي سليم جعفر أن بعض الأهالي عرضوا منازلهم للبيع، ولاسيما في المناطق التي كانت قريبة من منطقة الصدع، كما زاد عدد المستأجرين في المناطق الأقل تعرضاً للخطر، وفي مواقف كهذه يصبح كل شيء رخيصاً، وتقل قيمة الأشياء أمام الموت، ويصبح كل ما نملكه لايساوي شيئاً، وتمنى أن يعرف الناس هذه المعادلة، وقال: لسنا بحاجة لزلازل وكوارث وأعاصير وحروب حتى نشعر ببعضنا، ومن الأجدى أن نتبادل المشاعر الطيبة أيام الرخاء والسلام والهدوء.
تأثيرات نفسية
عدد من الأشخاص عبروا عن خوفهم من المباني التي بنيت خلال العشر سنوات الماضية، ولاسيما بعد أن انهارت مباني كثيرة خلال الزلزال.
يقول المدرس همام معلا: الزلزال ترك أثراً نفسياً على الأهالي، وأنا واحد منهم، حيث أسكن في عمارة متعددة الطوابق بنيت بعد ٢٠١٦، وأعتقد أن جميع سكان العمارة ينتابهم ذات القلق، خاصة وأن ما تم بناؤه خلال هذه الفترة تبين أنه غير مطابق للمواصفات الفنية والمعايير الإنشائية، وإلا لما انهار بهذه السرعة وبهذا الشكل.
وعما يبحث عنه الناس اليوم يوضح: بطبيعة الحال سوف يختار هؤلاء المناطق الأكثر صلابة، والأقل عرضة لحدوث الزلازل للانتقال والعيش فيها، بعدما رأوا التدمير الكبير الذي حدث، ولهذا لابد من ظهور الجهات المعنية وبث الطمأنينة في النفوس والحديث عن محاسبة، وقصاص وعقاب، وتشديد على إجراءات البناء والتراخيص.
نفس المخاوف نقلها حسن الشمندي، لافتاً إلى أن هناك محاولات من بعض المسؤولين والبلديات لإنشاء لجان تضامن وتعاون لوضع خطة جديدة في المناطق المتضررة، وهناك أحاديث عن هدم بعض البنايات، لكن لانعرف الحقيقة وبتنا بحاجة لتوضيحات.
دعم نفسي
من جهته قال محمود يعقوب إننا اليوم بحاجة لدعم نفسي ومواساة بعضنا بهدف تقليل المخاوف، وعدم الاستماع للأخبار المقلقة و عدم تداول الأنباء قبل التأكد منها، وكل شيء يبقى مجرد مخاوف، لأنه من الصعب التنبؤ بالزلزال قبل وقوعه.
ولابد من الحديث عن الناس الذين ضحوا بما لديهم، وعن الأشخاص أصحاب الأمانات الذين احتفظوا بمقتنيات الضحايا وتسليمها لذويهم، وأن من يرتكبون أفعالاً منافية للأخلاق كالسرقة واستغلال الكارثة قلائل بالمقارنة بالآخرين الذين جاؤوا من المناطق البعيدة لإغاثة إخوانهم.