الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
لطالما كانت الدبلوماسية أحد الأركان الأساسية لما يسمى بإسقاط القوة الناعمة، وقد استخدمتها الدول عبر تاريخ البشرية للتفاوض حول قضايا كان من الممكن حلها في ساحة المعركة .
إن الولايات المتحدة الأمريكية، القوة الإمبريالية (والاستعمارية الجديدة) الأكثر عدوانية في العالم، فريدة إلى حد ما في هذا الصدد، لأنها تستخدم دبلوماسيتها بشكل أساس كشكل من أشكال لَيّ الذراع بدلاً من الحوار الفعلي والمفاوضات.
بالنسبة للنخب الداعية للحرب في واشنطن، يبدو أن السلوك الهمجي المطلق أمر مفروغ منه، في حين أن الاحترام المتبادل وأخذ المصالح المشروعة للطرف الآخر في الاعتبار يُعتبر ضعفاً أحمقا.
وقد أدى ذلك إلى نشوب حروب عديدة حول العالم، مما أدى إلى سقوط مئات الملايين من القتلى والجرحى والمهجرين، أو بكلمات أبسط، دمرت أرواح لا تعد ولا تحصى بسبب العدوان الأمريكي غير المسبوق على العالم .
وعلى الرغم من أن مثل هذا النهج العدائي للسياسة الخارجية متوقع من واشنطن عندما يتعلق الأمر بالدول الأصغر التي لا يمكن أن تضاهي القوة الأمريكية، فإنها بالتأكيد لا تحاول التصرف بشكل مشابه تجاه القوى العالمية والقوى العظمى.
لكن أمريكا تفعل ذلك بالضبط، فقد قامت وزارة الخارجية الأمريكية بتوجيه تهديدات مفتوحة للصين، متهمة إياها بتقديم شحنات أسلحة إلى روسيا، كما أضاف كبار المسؤولين الأمريكيين أن بكين ستعاني من عواقب حقيقية للغاية إذا مضت قدماً في الصفقة المفترضة.
ومع ذلك كانت بكين سريعة في الرد على التهديدات الصارخة من خلال مؤتمر صحفي في 27 شباط الماضي، حيث صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن العملاق الآسيوي مستعد تماماً للرد إذا لم تتم إزالة العقوبات الأمريكية غير القانونية ضد الشركات الصينية العاملة في روسيا، كما نفت ماو المزاعم القائلة بأن بكين تخطط لإرسال أسلحة إلى روسيا، ورفضت تقارير الدعاية الأمريكية السائدة المشكوك فيها ووصفتها بأنها معلومات مضللة.
وأشارت ماو إلى النفاق الأمريكي وأن الولايات المتحدة تعمل على تأجيج القتال بمزيد من الأسلحة، مضيفة أن هذه هيمنة مطلقة وازدواجية المعايير ونفاق، وسيواصل الجانب الصيني القيام بما هو ضروري لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية كما سنتخذ إجراءات مضادة حازمة رداً على العقوبات الأمريكية.
وكررت ماو موقف بكين الرسمي من الأزمة الأوكرانية فهي تسعى إلى حل من خلال المفاوضات بدلاً من قوة السلاح، وشددت على أن الصين تعمل بنشاط على تعزيز محادثات السلام والتسوية السياسية للأزمة، وبكين كانت بناءة أكثر بكثير من واشنطن.
وأشارت ماو مرة أخرى إلى أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة عن التصعيد المستمر في علاقاتها مع الصين، لاسيما في الآونة الأخيرة ، حيث استخدمت واشنطن حتى أكثر الأمور سخافة لتشويه سمعة بكين واستعدائها، وقامت أيضاً بتسليح مقاطعة تايوان الصينية المنفصلة على الجزيرة بشكل غير قانوني، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة والصين ووصولها إلى نقطة الغليان.
وإضافة إلى ضخ الأسلحة الفتاكة في ساحة المعركة في أوكرانيا، تبيع الولايات المتحدة أسلحة متطورة إلى منطقة تايوان في انتهاك للبيانات الصينية الأمريكية المشتركة الثلاثة، فما الذي تنوي الولايات المتحدة فعله بالضبط؟ إن العالم يستحق أن يعرف الإجابة.
قالت ماو: إن أمريكا تنشر معلومات مضللة حول إمداد الصين المزعوم بالأسلحة إلى روسيا من أجل استخدامها كذريعة لمعاقبة الشركات الصينية، وبالتالي القضاء على المنافسة باستخدام مثل هذه التكتيكات المخادعة، وإحدى الشركات الصينية المتضررة هو معهد “تشانغشا تياني” لعلوم الفضاء وأبحاث التكنولوجيا، حيث تم فرض عقوبات عليها بالفعل بناءً على ادعاءات لا أساس لها من أنها تزود Wagner Group PMC (مجموعة فاغنر)، وهي شركة عسكرية خاصة، بصور أقمار صناعية لأوكرانيا.
وقد صرحت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند الأسبوع الماضي، أن العقوبات كانت تستهدف الشركات الصينية التي تحاول تزويد روسيا بالأسلحة، حسب زعمها.
يُنظر أيضاً إلى النفاق الأمريكي غير المسبوق في محاولات تصوير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه “مجرم حرب”، حيث اتهمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي قال: إنه يجب جمع الأدلة لمحاكمة جرائم الحرب، هذا على الرغم من الدور الرئيس لبايدن في بدء العديد من الحروب في ظل العديد من الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الرغم من تورط المؤسسة بأكملها تقريباً في واشنطن في إثارة الحروب وجرائم الحرب في العالم بغض النظر عن الانتماء السياسي.
المصدر: غلوبال ريسيرش