الثورة – زهر اللبان محمد:
لم تمر عبارة ( إطلاق المجلس الدولي للمصرفيات و العاملات في التكنولوجيا المالية ) عليَ مرور الكرام، بل استوقفتني كثيراً و جعلتني أميل بطرف العين إلى السوريات في القطاع المصرفي بشكل عام و الخاص على أكثر تحديد، مع اقتباس جملة لأحد الحاضرين في هذا المؤتمر حيث بيَّن و حسب الدراسات الحديثة (أن هناك ارتباطاً إيجابياً بين تمثيل المرأة في مناصب الإدارة العليا و تحسُّن أداء الشركة ). القطاع المصرفي يستحق أن نقف عنده كثيراً فالبنوك هي أساس الاقتصاد الحديث، و جوهر عملها هو الثقة، هذه الثقة التي تمكِّن المصارف من جمع المدخرات و توجيهها في القنوات الاستثمارية التي يحتاجها الاقتصاد الوطني.
هذه الأهمية تجعلنا نسلط الضوء على ميزات العنصر البشري العامل في هذا القطاع، أن تعمل في مصرف هذا يعني أن تكون منظماً و لديك مهارات اتصال جيدة مع العملاء، و درجة عالية من الصبر و قبول الأشخاص من جميع مناحي الحياة، و لديك القدرة على تحمُّل ضغط العمل مع المحافظة على التركيز العالي.. فأخطاء القطاع المصرفي تكون مكلفة، فأيُّ خطأ قد يسبب ضرراً للعميل و للمصرف، كل الأعمال المصرفية تتطلب الدقة و الاهتمام لأنَّ الأخطاء قد تكون آنية أو مستقبلية، و الأهم من ذلك أن يكون لديك القدرة على مواكبة التغير المستمر في الخدمات المصرفية، و هذا يعني استمرار التعلم و عدم الوقوف عند حدِّ ما.
كل هذه المتطلبات المهنية العالية لم تمنع المرأة السورية من خوض العمل المصرفي بشكل عام، و إذا أخذنا بعين الاعتبار الرغبة الدائمة للتوجه للعمل في القطاع العام عند الغالبية، نجد فئة من الشابات اللاتي آثرن العمل المصرفي الخاص، بل و تميزنا فيه، فأينما تَجُل بعينك تجد العنصر النسائي حاضراً و بقوة في تلك البنوك و في كل التدرجات الوظيفية، فمن عمل الصندوق بمخاطره العالية من قبول سحوبات و إيداعات بالملايين، و مروراً بالائتمان و غيره من الأعمال المصرفية و انتهاء بالمناصب الإدارية العليا.
و بنظرة إلى البيانات الواردة في آخر التقارير السنوية للمصارف الخاصة والمنشورة على موقع هيئة الأوراق المالية نجد سيداتنا قد تبوأن مناصب إدارية عليا تنفيذية او إدارة وسطى و تجاوز عددهن ( 60) في جميع المصارف الخاصة المذكورة، و إن كان الرقم متواضعاً إلا أنَّه مؤشر جيد يستحق الاهتمام، و بالتدقيق سنجد أنَّهنَّ تخرجن من جامعاتنا الوطنية و دخلن سوق العمل المحلي، و اكتسبن الخبرة التي هيأتهن للوصول إلى تلك المناصب.
إنَّ النجاح الذي تحققه أيُّ سيدةٍ في أيِّ مجالٍ يضاف لإنجازاتنا، بل و يحفز فينا الرغبة في الاستمرار نحو الأفضل لإثبات أننا قادرات على الإنجاز بالاعتماد على ما لدينا من قدرات ذاتية و بشكل مستقل عن أيِّ دعمٍ.
و بالعودة إلى إنشاء المجلس المذكور في صيف 2022، و عدم التأكد من وجود مشاركة سورية فيه، يجب على المصرفيات السوريات تفعيل نشاطات مماثلة، أو المتابعة و الاندماج في هكذا مجالس عالمية متخصصة، و العمل على تعزيز و تمكين الوجود النسائي المصرفي وصولاً إلى اتخاذ توصيات بضرورة رفع نسبة مساهمة المرأة في مجالس الإدارة و الإدارات التنفيذية كما هو التوجه لدى أغلب دول العالم .