لم يكن وزير الحرب الأميركي لويد أوستن، بحاجة إلى كل هذه الجولات المكوكية، وجلسات البازارات السياسية، وأحاديث الأروقة، والدهاليز الاستخباراتية، وأن يقطع كل تلك المسافات الجغرافية، ويأتي إلى منطقتنا، ليحدثنا عن رؤيته ونظام بلاده حول كيفية التوصل لحل سياسي عادل في سورية، وهنا وتحت كلمة حل سياسي عادل، لنا أن نضع ألف علامة استفهام، ومثلها من إشارات التعجب، وأيضاً لتحقيق ماسماه أمن واستقرار العراق، وكذلك العمل على تحقيق سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين!.
أجل لم يكن أوستن بحاجة إلى ذلك كله، فدائماً وأبداً وفي كل الملفات الساخنة، والأزمات المفتعلة، والحروب الدائرة في المنطقة كانت بلاده هي بيت الداء والابتلاء.
فيكفي أن ترفع أميركا يدها الآثمة، وعقوباتها اللا قانونية، وتسحب قواتها الغازية غير الشرعية من سورية، وتتوقف عن الاستثمار بأوراق الإرهاب المأجور، وروايات الكيماوي الملفقة، حتى تنتهي الأزمة في سورية، ويكفي أن تتوقف عن نهب النفط، والثروات، والمحاصيل السورية، حتى يهنأ السوريون، ويتنعموا بخيرات بلادهم، كما اعتادوا سابقاً قبل الحرب المفروضة عليهم أميركياً وغربياً.
وما ينطبق على سورية ينطبق على العراق، فمن أوصل هذا البلد إلى هذه الحال غير الاحتلال الأميركي، الذي برر غزوه بغداد وكل المحافظات العراقية بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل، ليخلف ملايين الأرامل، واليتامى، واللاجئين.
وكذلك في القضية الفلسطينية ما يحتاجه الفلسطينيون، هو كلمة حق، وموقف عادل، يعيد الحقوق المشروعة والمغتصبة إلى أصحابها الحقيقيين، فكم مرة استخدمت واشنطن الفيتو لحماية مجرمي الحرب الإسرائيليين من مقصلة العدالة الدولية، وكم مرة ساندت متزعمي الكيان المارق في اعتداءاته، وحروبه ضد الفلسطينيين، بل من أول من اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وشرعن للصهاينة أرضاً ليست أرضهم على الإطلاق، وأعطاهم الضوء الأخضر ليعيثوا فيها تهويداً، واستيطاناً، غير نظام أميركا الاستعماري والفاشي؟!.
ليقول أوستن ما يشاء، وليُنَظر بما يشاء من طروحات، فكلنا نعي جيداً، أن من شب على احتلال وتدمير الأوطان، ونهبها، شاب عليه، وأن الأفعى السامة لن تنفث إلا السم، أما الحلول لقضايا المنطقة الشائكة، فكانت وستبقى بإرادة الشعوب الحرة، المصممة على دحر الاحتلال، مهما كلف الثمن.