دخلت قبل أيام الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا عامها الثاني وهي وإن أطلقت عليها موسكو “عملية خاصة” إلاّ أنها بلا شك حرب عالمية ثالثة، لم تبدأ في 24 شباط 2022 ولكنها تمظهرت عسكرياً في ذلك التاريخ، وسوف تتطور وتطول طالما تعتبرها واشنطن حربها التي تريد من خلالها كسر روسيا وتحطيمها على مشارف حدودها.
الغرب اليوم يتحدث عن هجوم الربيع الذي يجري التحضير له وحشد السلاح المتطور لتزويد أوكرانيا به، لكن لا أحد في هذا الغرب الاستعماري يتحدث عن السلام وعن مصير الشعب الأوكراني الذي يجري الزج به في حرب تدميرية لخدمة الأهداف الأميركية، ولا عن مصير الشعوب الأوروبية التي حشرتها واشنطن في النسق الأول للمعارك.
الغرب اليوم لا يتحدث سوى عن “حرب بوتين” وكيفية إلحاق الهزيمة به عبر زج المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا ومدها بالسلاح الدقيق والفتاك لوقف التقدم الروسي، لكن السؤال هل تستطيع كييف أن تنتصر وتكسر روسيا وتستعيد الأراضي التي أصبحت جزءاً من الأرض الروسية، حتى مع الدعم الغربي المتزايد؟
في خطابه السنوي أمام الجمعية الفيدرالية الروسية بالتزامن مع دخول الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا عامها الثاني أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا لن تقبل الهزيمة في صراعها مع الغرب وقال.. “من المستحيل هزيمة روسيا بساحة المعركة وسنتعامل بالشكل المناسب حيال تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية” وفي هذا القول إشارة قوية إلى الحرب العالمية الثالثة التي تدور رحاها على الأرض الأوكرانية.
في المقابل كان الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يقود الحرب الغربية ضد موسكو، يعلن من بولندا عبر خطاب حربي ولنفس المناسبة، أنه لن يسمح للرئيس بوتين بتحقيق الانتصار في أوكرانيا متعهداً باستمرار تزويد كييف بالأسلحة المتطورة والدفاعات الجوية والصواريخ وقال.. “أوكرانيا لن تكون أبدا نصراً لروسيا، أبدا”.
حديث واشنطن عن انتصار أوكرانيا على روسيا يعني شيئاً واحداً، هو الذهاب في هذا الصدام إلى حد دخول واشنطن والجيش الأميركي في حرب مباشرة ضد الجيش الروسي، وهذا الأمر سيعني أن العالم كله سينكسر، وليس روسيا وحدها .. فروسيا لن تقبل بانكسارها ولو تطلب الأمر استخدام ترسانتها النووية وهي أعلنت صراحة على لسان كبار مسؤوليها أنها لن تقبل الانكسار.
نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري ميدفيديف، أعلن أن روسيا لن تقبل بعالم ليست موجودة فيه وقال في تعليقه على أوهام الغرب بقدرته على القضاء على روسيا… “يجب أن يكون كل شيء واضحاً هنا، نحن لسنا بحاجة إلى عالم روسيا غير موجودة فيه”.
أمام هذا الاحتدام في المواقف يبدو أن الصراع الغربي الروسي في أوكرانيا مرشح للتصعيد من جهة وللتفاقم والتوسع باتجاه الدول التي تشارك في تسليح أوكرانيا وتزويدها بالسلاح من جهة ثانية، وبالتالي تورط الجميع في حرب لا تنتهي وتستنزف قدرات الدول والشعوب على مدى أعوام طويلة.
هذا السيناريو الخطير هو الطريق المرجّح لتطور مسار الحرب الأوكرانية خصوصاً أن الولايات المتحدة لاترغب في عودة كييف إلى طاولة المفاوضات التي تشكل المكان الأنسب لخفض التصعيد وإيجاد المخارج التي تجنب العالم كارثة حرب عالمية لاتُعرف نتائجها وتداعياتها على العالم أجمع.