الوزارة تخطط لإدارة الموارد المائية والأرضية، وتخطط لزراعة المحاصيل الإستراتيجية والرئيسية فقط، أما باقي الخضار والمحاصيل فيترك للفلاحين الحرية بزراعة ما يرغبون بشكل حر من دون تقييد بخطة محددة، ومنها محصول البصل.
هكذا برّر وزير الزراعة مشكلة البصل التي اجتاحت سيرتها البلاد، غير أنّ هذا التبرير لن يُلقي بالتهمة على وزارة الصناعة ولا على وزارة النفط، أو الاقتصاد أو التجارة الداخلية، أو الإدارة المحلية.. ولا على أي وزارة أخرى، لأن اللباس زراعي والمسؤولية زراعية بحتة وبامتياز.
وليت مخططات زراعة المحاصيل الإستراتيجية موفقة وناجحة لكنّا قلنا بالفعل بأن وزارة الزراعة متفرّغة لتلك المحاصيل الإستراتيجية وإنجاحها، ولكن – مع الأسف – يبدو أن الفشل يُكلل مختلف المحاصيل الإستراتيجية وغير الإستراتيجية، ونعتقد لا داعي للاختباء خلف تلك المزاعم، فالأيام تُفصح كل يوم عن عدم الاهتمام بمقدراتنا الزراعية وإمكاناتنا الهائلة في هذا المجال، لنبدو كبلدٍ شبه مُتصحّر في الوقت الذي نمتلك فيه من الخصوبة ما يمكن أن تضعنا في مصاف أوائل الدول في المضمار الزراعي.
ينتابنا الكثير من الحزن والأسف بأننا نتفوق بمساحة أراضينا بمقدار أربعة أضعاف عن بعض الدول الصغيرة التي تتفوق علينا بآلاف الأضعاف من المنتجات الزراعية والحيوانية الناجحة والفائقة الجودة، فمن المستغرب أن هولندا – مثلاً – التي لا تتعدى مساحتها / 42 / ألف كم2 استطاعت من خلال نشاطها الزراعي ( الحقيقي ) أن تكون ثاني أكبر مصدر في العالم للمنتجات الزراعية وهي لا تزرع أكثر من / 21 / ألف كم2، ولكنها تعرف كيف تزرع وماذا تزرع، ومعظم المحاصيل التي يحتاجها المواطن يتم التخطيط لزراعتها وكفاية تلك الزراعة، فهي تنتج / 7 / ملايين طن من البطاطا، و/ 5 / ملايين طن من الشوندر السكري، و / 2 / مليون طن من القمح، بالإضافة إلى تزويد العالم كله بزهور التوليب والزنابق والنرجس، كما تنتج الكثير من الخضار والفواكه، وتعمل على تصنيع الكثير من هذه المنتجات إلى جانب منتجاتها الحيوانية الشهيرة لتسجل بالنهاية رقم صادرات مدهشاً يصل إلى أكثر من / 100 / مليار دولار سنوياً.
في حين نحن تصل مساحة بلادنا إلى أكثر من / 185 / ألف كم2، ونمتلك من الأراضي الخصبة والتنوع البيئي الشيء الكثير، وتصل مساحة الأراضي القابلة للزراعة إلى أكثر من / 60 / ألف كم2 أي أكثر من مساحة هولندا كلها بمقدار / 18 / ألف كم2 ومع هذا لا نعرف كيف نزرع كما يجب، ولا نعرف كيف نهرب من الفشل، والمصيبة أننا نستريح ونرضى عندما ينجح الهروب، ولا نتألّم .. أو على الأقل لا نحاول تلافي الأخطاء عندما نفشل .. ونكتفي بالقول إننا لا نهتم إلاّ بالمحاصيل الإستراتيجية!.