الثورة- حسين صقر:
من المعروف أن العلاقات الاجتماعية، وعقود البيع والشراء والإيجارات، وما هنالك من علاقات قانونية أخرى، أفرزت الكثير من الخلافات القضائية المنظورة أمام المحاكم، ولاسيما ما يتعلق بدعاوى تثبيت وإنهاء الرهن والمطالبة برد بدل الرهن أو المطالبة بالتعويض عن تدني القوة الشرائية للعملة الوطنية، أو المطالبة بالمبالغ التي تم صرفها على أعمال الصيانة والترميم والإصلاح للعقارات المرهونة.
لهذا جاء الرهن الحيازي العقاري لتنظيم وحل تلك الخلافات كي يحصل كل ذي حق على حقه، وفي ذلك حق عيني تابع ينشأ للدائن بمقتضى عقد الرهن على مال معين مملوك للمدين أو لغيره، ضماناً للوفاء بالالتزام، وذلك يخوله حق حبس المال المرهون لحين استيفاء دينه كاملاً، وأن يستوفي حقه من ثمن هذا المال بالتقدم في أية يد تكون، و هو حق غير قابل للتجزئة أو المساومة، إذا كان القانون سيأخذ مجراه الطبيعي بعيداً عن أي تلاعبات.
للإضاءة أكثر عن هذا الموضوع، تواصلت ” الثورة” مع المحامي عمار ياسر اسماعيل بفرع نقابة المحامين بطرطوس، والذي قال: اعتاد كثير من الناس على تنظيم عقود رهن لعقاراتهم بغاية السكن فيها، لقاء بدلات رهن، وهي عبارة عن مبالغ مالية كبيرة، حتى باتت مثل هذه العقود، وإلى وقت قريب، بديلاً عن عقود الإيجار أو ضماناً لهذه المبالغ.
وأضاف أن هؤلاء المتعاقدين وفي أغلب الأحيان، وفي معرض الدعاوى التي يقيمونها لتثبيت هذه العقود لا يقومون بوضع إشارة دعوى لمثل هذه العلاقات، على اعتبار أن أغلب هذه العلاقات كانت تُوثق بموجب أحكام قضائية، مع الإشارة إلى أن الرهن من الحقوق العينية التبعية، ومن الناحية القانونية، معتمدين بذلك على سماع الدعوى، ومتناسين أنه يستلزم ذلك وضع الإشارة لإشهار النزاع حول هذا الحق، ولهذا كان المرتهن يستند إلى الحيازة وواقعة الإشغال، وذلك لضمان استرداد بدل الرهن عند انتهاء مدته، متخلين عن هذه الضمانة، و لهذا أيضاً باتت المبالغ التي دفعوها لقاء هذه العلاقات بلا ضمانة، فضلاً من أن الكثير من هذه العقارات المرهونة، تعرضت للضرر، وهو ما دفع الكثير من المسترهنين إلى القيام بأعمال صيانة وترميم لها، وصرفوا مبالغ كبيرة في سبيل ذلك.
وأوضح أن التراخي عن إنهاء الرهن ورد البدل، وموضوع تدني القيمة الشرائية للنقد الوطني، ألحق الضرر بطرفي العلاقة، ونوه أن الرهن ووفق المادة ” ١٠٥٥” من القانون المدني هو عقد يضع بموجبه المدين عقاراً في يد دائنه، أو في يد شخص آخر يتفق عليه الطرفان، ويخوّل الدائن حق حبس صاحب العقار إلى أن يدفع له دينه تماماً، وإذا لم يُدفع الدين، فله الحق بملاحقة نزع ملكية المدين بالطرق القانونية.
وبين أن العقار المرهون وخلال مدة الرهن ووفق المادة” ١٠٦٢” من القانون المدني، يكون بإشراف حائزه، وفي عهدة المالك وعلى مسؤوليته، إذا أثبت المرتهن حدوث ظروف قاهرة، وأنه على المرتهن ووفق المادة ” ١٠٦٦” من القانون المدني أن يعتني بصيانة العقار المرهون وبإجراء التصليحات المفيدة والضرورية له، على أن يتناول من الثمار “الإيجار” جميع مصاريف الصيانة والتصليحات أو أن يستوفيها بالأفضلية من ثمن العقار، وله دائماً أن يرفع هذه الالتزامات عن عاتقه بتخليه عن حق الرهن.
وعليه فالمرتهن “الدائن” مسؤول عن صيانة العقار المرهون، وهو ملزم بإجراء الإصلاحات الضرورية والنافعة، ومن ماله الخاص، مالم يثبت أنها نتيجة ظروف قاهرة، وفي هذه الحالة له أن يستوفي نفقات ذلك من ثمار العقار، أو من ثمن العقار وبالأفضلية، على اعتبار أن العقار بحيازته وهو ملزم بالمحافظة عليه، مالم يثبت حدوث الظروف القاهرة، كما هو لا يستحق أي تعويض عن تدني القوة الشرائية للنقد أو أي تعويض عن ذلك أو عن التأخر في رد بدل الرهن أو سواه ، مادام هو ينتفع بالعقار المرهون، ويتناول ثماره، مقابل انتفاع الراهن “المدين” ببدل الرهن، وله في أي وقت أن يتحلل من هذه الالتزامات وأن يرفعها عن عاتقه، وذلك عن طريق تخليه عن حق الرهن.
وقبل مباشرة أي دعوى بخصوص هذه العلاقات يجب البحث في الأحكام القانونية الخاصة بالرهن، لأن الرهن عقد من العقود المسماة، والقانون أفرز له أحكاماً خاصة به، والقواعد العامة لا تُطبق عليه إلا في حالة عدم وجود نص خاص به.