بسرعة كبيرة وتكاد تكون ساعية تواصل بورصة الأسعار تحليقها لتصل لمراحل متقدمة كلما اقتربنا من شهر رمضان المبارك. التجار وحتى صالات التدخل الإيجابي بسباق أيهما يرفع أكثر، ويحقق مكاسب أكبر على حساب جيوب أصحاب الدخل المحدود جداً.
في يوميات تسوقنا كمواطنين نلحظ دون عناء قائمة طويلة من المواد والسلع الغذائية والاستهلاكية، وفي مقدمها الألبان والأجبان التي وصل سعر بعض منتجاتها كالجبنة المشللة والحلوم لحيطان الأربعين ألف ليرة للكيلو، والكعك بنحو 19 ألف ليرة حتى باقة البصل الأخضر والبقدونس تجاوزت 600 ليرة بالأمس، ووصل الارتفاع لأسعار المواد الداخلة في ترميم المنازل بعد زيادة الطلب عليها من الناس التي تضررت بيوتها بكارثة الزلزال، وهذه المواد وغيرها تتبدل أسعارها ليس فقط على وقع إيقاع سوق الصرف لا بل تتجاوزه لأنه بمنطق التجار سيشترون نفس السلعة لاحقاً بسعر أعلى، علماً وكما هو معروف للجميع غالبيتهم يتخمون مستودعاتهم بالمواد، ويحتكرونها لحين ساعة زيادة الطلب عليها، وطبعا كل نشرات التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي تصدر يضربون بها عرض الحائط، ولسان حالهم يقول إذا كانت المؤسسات العامة ترفع أسعارها وتجاري السوق فلا تتوقفوا عندنا.
كلام بعض المسؤولين أو ما يتناقل عنهم أن الأسعار ستشهد انخفاضاً خلال رمضان دون أي معطيات منطقية يبنون عليها كلامهم، الواقع يعاكسها تماماً ومع غياب الأرقام الواقعية عن كميات الإنتاج الزراعي للعديد من المنتجات والمواسم الزراعية من الخضار والفواكه للمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والعدس والحمص رغم الحديث عن المساحات المزروعة يبدو غير مطمئن، وقد يوصل لحدوث قلة في تلك المنتجات في السوق حتى ولو لفترات كما حصل بمادة البصل إذا لم تكن الجهات المعنية متحضرة جيداً لمثل هذه السيناريوهات، وأقله هنا شراء منتجات عند وفرتها وبموسمها بأسعار مقبولة وتخزينها لطرحها بأسعار مدروسة لاحقاً في السوق، ونعتقد أن هذا من أبسط مقومات عملية التدخل الإيجابي بمعناه الحقيقي والفعلي.
ولأن الأمل محدود جداً بحدوث نقلة نوعية بأداء وفاعلية آلية ضبط السوق، فإن أولوية الأولويات بهذه المرحلة وكل مرحلة يجب أن تتجه للقطاع الزراعي كدعم ورعاية واهتمام بكل مراحل العملية الزراعية من ألفها ليائها ودون ذلك يعني مضيعة للوقت، والاعتماد على الحلول الأسهل لسد النقص المتمثل بالاستيراد ورفع مؤشرات الخطورة ونشهد تراجعاً جديداً بالإنتاج الزراعي خاصة بالسنوات الأخيرة والذي يعود بجانب كبير للسياسات والخطط غير الفاعلة والرؤية التطويرية التي لم تحقق نتائج إيجابية ملموسة لهذا القطاع الهام الذي كان وسيبقى الركيزة الأهم بالاقتصاد السوري والداعم الكبير لاستقلال قرارتنا السياسية والاستسهال بمعالجة صعوباته ومشاكله لم يعد مقبولاً بعد اليوم.