الدكتور جبور لـ”الثورة”: أول هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم عربية و سبقت “العفو الدولية”
الثورة – لقاء – دينا الحمد:
كثيرة هي القراءات والرؤى والدراسات والأخبار التي تنشر سنوياً عن حقوق الإنسان بالتزامن مع صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكن القليل منها تلك التي تسلط الضوء على دور العرب في حماية حقوق الإنسان، أو تتحدث عن أول هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، والتي كانت عربية خالصة. وللوقوف على تفاصيل هذه المسألة الهامة التقت صحيفة الثورة بالأستاذ الدكتور جورج جبور الباحث والأستاذ الجامعي والرئيس الفخري للرابطة السورية للأمم المتحدة، وكان الحديث التالي:
بداية يقول الدكتور جبور في الحقيقة.. يعتبر “حلف الفضول” في مكة أول هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، والذي أسس لمبادئ منظمة العفو الدولية برأيي، وكان لي شخصياً حق ملكية فكرية غير مسجل رسمياً على وصف للحلف، وأدعوه: “أول هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم إلى أن يثبت العكس”، وظهر لي مقال في جريدة الثورة بتاريخ 21 كانون الثاني 1993 أصف به حلف الفضول بأنه أول هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم إلى أن يثبت العكس.
ويتابع: هكذا أتجاوز بهذا التوصيف ما عرف به الحلف تاريخياً من أنه لنصرة المظلوم، وللوصف الذي أتيت به فوائده، إنه يجعل الحلف الجد الأعلى لمنظمة العفو الدولية، وفي ذلك كل الاعتزاز للعرب.
ويضيف الدكتور جبور إنه بتاريخ 19 نيسان 1994 ورد ذكر حلف الفضول لأوّل مرة في أدبيات الأمم المتحدة، كان ذلك في رسالة من المفوض السامي الأول لحقوق الإنسان رداً على رسالتي إليه في 17 شباط من ذلك العام، امتدحت الرسالة الحلف والداعي إليه وتوقفت عند ذلك الحدّ، وتابعت مع خلفائه حتى نجحت أخيراً في إعلان اعتماده وثيقة هامة في تاريخ حقوق الإنسان من خلال بيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان الصادر في (10- 12- 2007) عشية بدء العقد السادس لصدور الإعلان العالمي.
ويستطرد قائلاً: لاحظت في ما ورد عن الحلف في البيان هفوات ثلاث:
1- لم يذكر البيان أنه أوّل هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم إلى أن يثبت العكس.
2- لم يذكر أنه جرى تفعيله في أمور هي في صميم انشغالات المنظمات الراهنة للدفاع عن حقوق الإنسان.
3- ذكر أنه حلف جاهلي لكنه أغفل أنه مبارك إسلامياً، وتلك نقطة خطيرة جداً.. هل كمنت نية سيئة خلف إثبات جاهلية الحلف وإغفال مباركة النبي له؟
ويبين الدكتور جبور أنه أثار هذه النقاط مع المفوضية السامية بمذكرة مكتوبة، مبيناً أنه ربما ماتزال محفوظة في ملفات المفوضية، ويقول: كما أثرتها مع من استطعت من مندوبي الدول العربية في جنيف، هل تابعت؟ هل صححت الهفوات؟ فأما المتابعة فليست على أكمل وجه، وأما التصحيح، فلست واثقاً من حصوله.
ويضيف نحن الآن على أبواب العقد السابع لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العقد الجديد مناسبة لاهتمام متجدد، والدمار العربي الذي أتى به الربيع العربي يوجب علينا الاحتفاء بكل ما في تراثنا من “مكارم الأخلاق”، ومن المفيد مخاطبة المفوض السامي الحالي لحقوق الإنسان؛ لكي يتفادى في البيان المنتظر بعد أشهر الهفوات التي حفل بها بيان المفوضية الصادر قبل عشر سنوات، بما أنني، على حد علم منشور في مواقع متعددة، أول من بادر إلى مخاطبة المفوض السامي الأوّل بشأن الحلف، أتابع المخاطبة عبر هذه الكلمات إلى المفوض السامي الحالي العربي.
ويتابع: ذات يوم حين خضت غمار التنافس على منصب المفوضية السامية رفعت شعاراً كان صالحاً وتزداد الحاجة إليه: “علينا إبداع حلف فضول عالمي”.
ويقول الدكتور جبور إنه في عام 1998، وبمناسبة 50 سنة على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، سلَّمت المنظمة العراقية لحقوق الإنسان في دمشق، بناء على طلبها، كل أوراقي عن حلف الفضول، وصنعت المنظمة منه كتيباً يضم عدداً من المقالات كتبت استجابة لما طرحته في 21 كانون الثاني عام 1993 عبر صحيفة “الثورة”، ومؤدى ما طرحته آنذاك وتابعته: من المفيد للعرب وللإنسانية أن يتم النظر إلى حلف الفضول المكي الذي عقد أواخر القرن السادس الميلادي على أنه أول هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم.
ويضيف: تضم الأوراق المجتمعة لدي مقالات عن الحلف ومراسلات كثيفة مني موجهة إلى شخصيات عربية وإسلامية وعالمية مؤثرة، وإجابات عنها، وما يزال لدي إيمان ثابت بأن المسعى للتعريف بحلف الفضول عالمياً مهمة جدية لكثير من الهيئات العربية والإسلامية.
ويتابع قائلاً: اليوم ونحن نتحدث عن هذا الموضوع الهام تقفز بي الذاكرة إلى الماضي البعيد، حينما أطلقت جامعة الدول العربية، إثر حرب تشرين المجيدة، برنامجاً توافقت عليه مع الاتحاد الأوروبي، هو: “الحوار العربي الأوروبي”، كان البرنامج غنياً بفرص تبادل الرأي؛ ليس في الشؤون السياسية والاقتصادية فقط؛ بل في الشؤون الثقافية والفلسفية والدينية معاً.
ويبين الدكتور جبور أنه في إحدى جلسات الحوار بالغ أحد الأكاديميين الأوروبيين في تبيان عمق الفرق في النظرة إلى حقوق الإنسان بين العرب والأوروبيين، ليس في أيامنا هذه فقط، بل في تاريخ كلّ من حضارتينا، هو فرق رآه الأوروبي لصالح ثقافته بالطبع؟!، لم أنكر في ردي تردي حالة حقوق الإنسان في مجتمعاتنا العربية المعاصرة، لكنني اعترضت على ما زعم من غياب فكرة حقوق الإنسان عن تاريخنا، وفي الذاكرة أنني أطلقت في تلك الجلسة فكرة أنّ “حلف الفضول” هو الجدّ الأعلى لمنظمة العفو الدولية الشهيرة بدفاعها عن حقوق الإنسان، ثمَّ كانت ظروف سنحت لي بلقاءات مع المدير العام لليونسكو عام 1989، وهو آنذاك السيد فيديريكو مايور، لم يغب حلف الفضول عن حديثي إليه، وأنا أحثّه على إخراج “حقوق الإنسان” من محبس الغرب؛ لتنطلق “اليونسكو” بتلك الحقوق إلى آفاقها العالمية الأرحب.
ويختتم الدكتور جورج جبور حديثه لصحيفة الثورة قائلاً: ما إن أعلن اعتزام الأمم المتحدة على عقد مؤتمر عالمي عن حقوق الإنسان في فيينا، صيف 1993، بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لصدور الإعلان العالمي، حتى صممت أن يكون حلف الفضول من شهوده ومن المشهود له فيه، ونشرت في صحيفة “الثورة” مقالاً موجزاً، أُعلن به أنّ حلف الفضول أوّل هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، وأنّ على مؤتمر فيينا أن يذيع هذه الحقيقة.