الاتفاق الايراني-السعودي وآفاقه ؟

ترك الاتفاق الإيراني السعودي شعوراً عاماً بالارتياح لدى أبناء المنطقة وعلى المستوى السياسي الاقليمي والدولي وإن كان من المبكر الحكم عليه لجهة كونه أقرب ما يكون إلى إعلان نوايا ما يعني الحاجة إلى مزيد من الوقت بالنظر لما يجري على الواقع لاسيما وأن ثمة ساحات اختبار كبيرة ستكون له، ولاشك أن الاتفاق قد فاجأ وقلب الطاولة على الجميع على الرغم من أن حواراً سعودياً- إيرانياً قد جرى منذ عدة سنوات في بغداد وعمان ولكن ما حصل هو دور الصين بما تمثله من ثقل عالمي في إنجازه واعتقد أن الدول الأوروبية وأميركا قد علمت بالاتفاق قبل توقيعه ولكنها لم تستشر في مضامينه أو ضوء أخضر لإنجازه، لكن الإعلام الأميركي لم يكن مرتاحاً وأشار الى أن الأخطاء الأميركية مع السعودية هي أحد أسباب إنجازه وسيكون اختبار الموقف الأميركي ممكن من خلال قدرته على التعطيل في اليمن أو في العراق عبر عملائه وبلا شك سيكون أكثر المنزعجين منه هو “إسرائيل” التي سعت لتشكيل تحالف عربي إسرائيلي ضد إيران تحت حجج باطلة.

الاتفاق هو أيضاً بين أكبر منتجين للطاقة في العالم وأكبر شريكين اقتصاديين للصين وروسيا ما يعني أن الأميركي لن يكون مرتاحاً لأي اتفاق بينهما، لاسيما وأن الصين هي من يرعاه أو يضمنه ولعل أكبر المتضررين من الاتفاق هو الاسرائيلي الذي راهن على خلاف وصراع عربي ،فارسي مع سعي ليكون حليفاً وشريكاً في مواجهته إضافة إلى تحوله من عدو إلى شريك.

اعتقد أن ما حدث سيشكل إن استكمل دورته انقلاباً سياسياً في المنطقة لأنه سوف يعيد خلط كلّ الأوراق السياسية في المنطقة خلال ثلاثة عقود على الأقل ولابدّ من التدقيق والحذر بتداعياته على أميركا وإسرائيل ولعل من عوامل نجاح الاتفاق حالة التفاعل الشعبي والرسمي معه فتمّت ملاحظة المزاج العام الإيجابي تجاهه سواء في المملكة أو في سورية ولبنان أو في إيران والكثير من دول المنطقة والعالم حيث يؤمل أن ينعكس إيجابياً على كلّ الملفات العالقة في المنطقة سواء اليمن سورية لبنان العراق.

وعلى الرغم من أن تأثير الاتفاق لن يكون بمستوى واحد في كلّ الساحات إلا أنه شكل عامل اختراق كبير للمشهد السياسي في الإقليم وكسرالجليد بين الرياض وطهران حيث شكل الخلاف بينهما عامل تصعيد في ساحات الصراع، ما يعني أن توقيعه سيشكل حتماً عامل تهدئة وسيساهم في تسريع التقارب العربي مع دمشق وعودة العلاقات بين دمشق والرياض وصولاً لاستعادة سورية لمقعدها في الجامعة العربية وفي لبنان .اعتقد أن تأثير الاتفاق ليس كبيراً جداً لأن الأمر مرتبط بتوافق لبناني داخلي بالدرجة الأولى حيث أن الاشتباك في لبنان سياسي وليس عنفي كما في باقي الساحات ومن المبكرالحديث عن نتائج الاتفاق على الساحات الساخنة فهو أقرب ما يكون لإعلان النوايا وأنه كسر الجليد بين الرياض وطهران ويمكن أن يعطي جرعات مهدئة لحالة التوتر والاستقطاب الحاصل في المنطقة وربما غير في المزاج العام .

أما بالنسبة للصين فهي الدولة الوحيدة ربما التي كانت قادرة على القيام بذلك لأنها ترتبط بعلاقات اقتصادية كبيرة بين طرفي الاتفاق وتكاد تكون النافذة الأساسية للصادرات الإيرانية وأكبر سوق استثماري للصين إضافة إلى ان الايراني لا يثق بالأميركي والروسي منشغل في حرب اوكرانيا آخذاً بالاعتبار أن أميركا تسعى لتطويق الصين بسور بحري وعبر المضائق والممرات البحرية فجاء الاتفاق ليكسر ذلك ويفسح في المجال أكثر لمشروع الحزام والطريق إضافة لأمن الطاقة. أمن الملاحة البحرية حيث أن أهم مضائق باب المندب وهرمز .

الاتفاق يطرح التعاون والشراكة بين أطرافه بدل الصراع والمواجهة التي تستفيد منها أميركا وإسرائيل في تجارة السلاح واستنزاف الخصوم والحلفاء وهو تكريس وترجمة لمفهوم الاستقرار البنّاء بدل الفوضى الخلاقة وسينعكس الاتفاق على كلّ الملفات في المنطقة بشكل إيجابي بحكم تأثير أطرافه ونفوذها في الاقليم ويخلق جواً من الثقة بين الدولتين وحلفائهما، وبالنسبة لسورية كانت دائما تسعى لتحقيق علاقات جيدة بين دول الخليج العربي وايران لأنها ترى في ايران حليفاً استراتيجياً والخليج العمق العربي ولعل تفهم السعودية للعلاقة السورية -الايرانية سيساهم في عودة العلاقات بين البلدين والمساعدة في عملية إعادة الإعمار وسورية تنطلق في علاقاتها مع الدول من مصلحتها الوطنية ولا تخضع لاملاءات أحد من الحلفاء أو غيرهم إضافة إلى أن المملكة العربية السعودية لم تقبل أن تكون من المحور الذي يريد عزل روسيا واحتفظت بعلاقات جيدة مع روسيا واوكرانيا .ونجحت باتباع سياسة التوازن بين القوى الكبرى في العالم مع انفتاح داخلي غير مسبوق يقوده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان .

أما بالنسبة لدول الغرب الاوروبي فهي تسعى للاستثمار في ايران وهذا سبب تمسكها بالاتفاق النووي لأن الشركات الأوروبية أبرمت عقوداً مع ايران تتجاوز 200 مليار دولار ثم توقفت بعد خروج اميركا من الاتفاق.

ولابدّ من تعريف الأمن القومي لدول المنطقة واستبعاد التحالفات مع العدو المشترك بشكل عام، ويمكننا القول: إن المنطقة تعيش حالة ترتيب للعلاقات بدءاً من تركيا إلى ايران إلى السعودية والسعي للشراكة بدل الصراع وسيوقف أو يعرقل قاطرة التطبيع فمن المهم أن يتحول الاتفاق إلى مسار وإنجاز وبناء ثقة وتنمية حقيقية تقوم على الاستقرار البناء الذي تتبناه جمهورية الصين الشعبية، بدل الفوضى الخلاقة وتريد مساراً تنموياً وليس علاقات أمنية وإنما طريق حرير جديد يضمن مصالح جميع الشعوب .

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص