الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
لقد غيرت فترة الثلاث السنوات الماضية 2020- 2022 مشهد سوق الغاز العالمي، حيث تميز عام 2020 بركود عالمي وانخفاض في استهلاك الغاز بسبب القيود واسعة النطاق لمكافحة COVID، في عام 2021 ، كانت هناك عاصفة كاملة من أزمة أسعار في سوق الغاز في الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2022 ، استمرت هذه الزيادة بشكل متسارع على خلفية العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا، فقد فرضت الدول غير الصديقة عقوبات على روسيا التي اتخذت بدورها إجراءات مضادة، ونتيجة لذلك، تم تقليص إمدادات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، وفي أيلول 2022 ، تم تدمير خط أنابيب الغاز نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 في هجوم إرهابي.
ثم بدأت إعادة هيكلة سوق الغاز العالمي على الصعيدين الإقليمي والعالمي، الأمر الذي سيستغرق سنوات وسيؤدي إلى نمو متسارع في حصة الغاز الطبيعي المسال في تجارة الغاز الطبيعي العالمية.
لهذا، ستشتد المنافسة بين منتجي الغاز الطبيعي على حصة السوق خاصة في أوروبا وآسيا بشكل كبير، كما سيتكشف الصراع الرئيس بين الولايات المتحدة – أستراليا (كحلفاء في التحالف العسكري- السياسي AUKUS) من ناحية ، وروسيا- قطر – ماليزيا – نيجيريا وعدد من البلدان الأخرى (كممثلين لما يسمى بالأغلبية العالمية) من ناحية أخرى.
وفي الوقت نفسه، كان تدمير Nord Streams الذي نسفته الولايات المتحدة بواسطة الأقمار الصناعية الأوروبي، يمثل بوضوح فوضى التعاون الدولي في مجال الطاقة على المدى القصير وعلى المدى المتوسط.
على هذه الخلفية ستزداد المنافسة بين مستوردي الغاز الرئيسيين بشكل رئيس: الاتحاد الأوروبي ودول آسيا والمحيط الهادئ، الصين والهند وغيرها، على أحجام الغاز الطبيعي المسال الجديدة من أجل تلبية الطلب المحلي إلى جانب واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب، وفي الوقت نفسه، على الأقل بالنسبة إلى 2-3 سنوات القادمة ستتغير أسواق الغاز الأوروبية والآسيوية بشكل واضح.
في عام 2022، انخفضت واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى الاتحاد الأوروبي بشكل حاد، واعتماداً على الوضع الجيوسياسي في عام 2023، يمكن تقليله أكثر إلى 15-20 مليار متر مكعب.
إضافة إلى ذلك، اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً سياسياً لتعظيم استبدال الغاز الطبيعي الروسي، ولا يُتوقع أيضاً إدخال سعات غاز طبيعي مسال كبيرة جديدة في السنوات 2-3 القادمة بحلول نهاية عام 2023، حيث سيدخل حوالي 25 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال الإضافي إلى السوق العالمية، وقد تظهر السوق الآسيوية زيادة متواضعة في الطلب على الغاز الطبيعي المسال بسبب زيادة استخدام مصادر الطاقة التي تحل محل الغاز، والانتعاش البطيء في الإنتاج الصناعي، والقيود المستمرة لمكافحة COVID في بعض البلدان الآسيوية.
في السنوات المقبلة، سيكون هناك إعادة توجيه عالمية للطرق، على سبيل المثال، من الغرب إلى الشرق لخطوط الأنابيب الروسية، والاستخدام النشط لطريق بحر الشمال لإمدادات الغاز الطبيعي المسال الروسي، أو زيادة شحنات الغاز الطبيعي المسال عبر المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة، وستتغير أيضاُ طرق توصيل الغاز الطبيعي .
وسيكون لإعادة التشكيل اللوجيستي هذا تأثير مضاعف، وكجزء من المنافسة المذكورة أعلاه، بدأ بالفعل سباق مع الزمن من أجل التنفيذ المتسارع لمشاريع خطوط أنابيب نقل الغاز في اتجاهات جديدة وإنشاء مراكز توزيع إقليمية جديدة مثل مشروع محور الغاز في تركيا، حيث يشارك الجانبان في بناء ناقلات الغاز ومحطات إعادة تحويل الغاز إلى غاز لاستقبال الغاز الطبيعي المسال والبنية التحتية الأرضية لتوزيعها بشكل أكبر.
وسيؤدي نشاط توصيل الغاز الطبيعي هذا إلى زيادة تشديد العقوبات وتوسيع الإجراءات المضادة بين المشاركين في السوق، والهدف الرئيس من ذلك هو النضال من أجل السيطرة والوصول إلى التقنيات اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع.
أخيراً، قد يكون لانتقال سوق الغاز العالمي إلى حالة جديدة تأثير غير متوقع على أجندة المناخ العالمي، وعلى وجه الخصوص، يجب أن نتوقع أن يبدأ الغاز في تعزيز مكانته كمصدر للطاقة العابر ومنخفض الكربون، وإنهاء جميع المناقشات السابقة حول دور الغاز الطبيعي في تحول الطاقة، كما ستزداد أهمية الهيدروجين الأزرق كبديل انتقالي والهيدروجين الأخضر نسبياً لأنواع أخرى من الهيدروجين، وفقاً لذلك، يمكن للغرب تعديل لوائح أجندته الخضراء.
بشكل عام، تتناسب التغييرات التي بدأت في سوق الغاز العالمي مع عملية تحول نظام العلاقات الدولية والتجارة الدولية بأكمله، وسيؤدي ذلك إلى ظهور هيكل جديد لسوق الغاز العالمي وتعديل محتمل لمواقف منتجي ومستهلكي الغاز الرئيسيين بشأن عدد من قضايا تطوير الطاقة، بما في ذلك مراجعة جذرية لجوانب معينة من سياسة الطاقة الروسية ونهج دبلوماسية الغاز.
المصدر – منتدى فالداي