ظافر أحمد أحمد:
تسليم واسع الانتشار بأنّ وسائل التواصل الاجتماعي مسيسة وليست مجرد وسيلة ترفيه..، وهي منذ بدايتها عام 2004 أصبحت (مولّدة للصراعات)..، ولأنّ الشركات الأميركية هي المسيطرة على معظم وسائل التواصل الاجتماعي، فإنّ تسيير هذه الوسائل في نهاية المطاف يتم وفق السياسة الأميركية ورؤيتها للعالم.
لا تحتمل الولايات المتحدة أن تقارعها الصين على سبيل المثال بمواقع وتطبيقات منافسة في ميادين التواصل الاجتماعي، لذلك استهدفت شركة هواوي الصينية وضيقت عليها كثيراً، ثمّ بدأت حرب غربية شعواء على (تيك توك) الصيني مع خطوات حظر جزئي له في الولايات المتحدة ونيوزيلندا وأستراليا ودول أوروبية خصوصا بريطانيا.
والمفارقة في التقييد الغربي لتوك توك هو اتهامه بصفات مثبتة بشكل أوضح لدى منصات التواصل الأميركية، التي لديها أكبر قاعدة بيانات ومعلومات عن سكان العالم فرداً فرداً وفق حسابات كل شخص على منصاتها.
إنّ الشعارات والمبادئ التي تتستر بها مواقع التواصل الاجتماعي الأميركية صنّعت قناعة منتشرة في ذهنية قاطني الكرة الأرضية بأنّ منصاتها تتيح حرية التعبير بشكل عادل لجميع المتعاملين معها.
ولكن يمكن ببساطة إثبات أنّ هذه القناعة غير علمية، لأنّ فرصة أيّ صاحب حساب في منصة اجتماعية بالحصول على خدمات التواصل مرهونة بانتمائه السياسي والجغرافي وحتى المناطقي..!
أوضح الأمثلة وأقربها إلى السوريين الدور الذي لعبته المنصات الاجتماعية خصوصاً فيسبوك ويوتيوب خلال الحرب الكونية على سورية منذ العام 2011..، وشكلت المنصات الاجتماعية نسخة طبق الأصل عن سياسة الخارجية الأميركية تجاه الملف السوري حتى الآن.
ولكن لماذا تحرص المنصات الاجتماعية الأميركية على الوصول إلى السوريين في الداخل؟
إنّ شركات التكنولوجيا والمنصات الأميركية تحجب عن سورية جميع الأمور المالية التي يمكن تحصيلها عن طريق خدماتها، ويصعب على السوريين في الداخل الاستفادة من ميزات كثيرة ومهمة في أجهزة الموبايلات والحواسيب التي تتطلب تطبيقات إلكترونية محجوبة عن سورية، ولا يمكن للسوريين التعامل مع خدمات كثيرة عبر الانترنت في مجالات التعليم والتسوق الألكتروني والترفيه..، وهذا ما يؤكد أنّ الشركات الأميركية المسيطرة في التكنولوجيا والمنصات الاجتماعية تستهدف دائماً احتلال عقول السوريين ولا تريد لهم أي ربح مادي من خدمات التكنولوجيا والمنصات.
ومع التسليم أنّ المنصات الاجتماعية أصبحت أمراً واقعاً، فيجب التذكير دائماً بأنّها أصبحت أهم وسائل الحرب الناعمة..، ويقتضي من السوريين -الذين نالهم ما نالهم من ويلات التواصل- التعامل مع المنصات الاجتماعية بحذر، حتى إشعار آخر يرتبط بتنوع المنصات الاجتماعية بما يناسب تعدد عالم ما بعد القطب الواحد الذي بدأت تطبيقاته كأمر واقع.