الثورة:
استفاق الباريسيّون يوم 1 نيسان على خبريقول أنّه تم في الليلة الفاصلة بين آذار و 1 نيسان تنصيب “برج إيفل” ثان إلى جانب البرج القديم الذي تمّ تشييده منذ134 عاما، و ظنّ الكثيرون أنها “كذبة أبريل”، و لكن تأكد لكلّ من تحوّل على عين المكان أن هناك فعلا” برج ايفل” ثان تمّ نصبه بجانب الأول، وهو ما أثار الفضول والدّهشة .
حيث البرج الجديد هو مماثل تماما في شكله و هندسته للبرج الأوّل ، إلا انه أصغر عشرة مرات منه،و إنّ فكرة إنجازه هي من بنات أفكار”فيليب مايندرون “Philippe Maindron ،وهو الذّي اختار للمعْلم اسم “إيفلّا”Eiffela، وهو اسم مُشتق من “إيفل” ،و قد وضع لوحة على البرج الحديدي جاء فيها :”إعلان ولادة: اسمي :إيفالا” ،ولِدتُ يوم السبت 1 نيسان 2023.طولي 32 مترا و أزنُ 20طنا ، و أمّي(المقصود هنا هو برج ايفل الأصليّ لأنّ الصيغة اللغوية الفرنسية للبرج هي صيغة مؤنّثة) ،فرحتها لا توصف بولادتي”.
و صرّح” فيليب مايندرون” للصحافة قائلا بأن فكرة تشييد هذا المعلم خطرت له منذ سبع سنوات وأن منبعها هو إعجابه بالبرج الأصلي و بغستاف إيفل ، وهدفي اليوم بعد إقامة البرج هو إنتزاع الإبتسامة من الناس ومن الزّائرين له وزرع الفرحة بينهم . ومن جهتها عبّرت “آن هيدالغو” عمدة باريس في تدوينة لها على حسابها في “تويتر” عن سعادتها بالمعلم الجديد و كتبت تقول:”أمس أطفأ برج إيفل شمعته ال134 برِفقة جميلة .فمرحبا ب “إيفالّا”.
يزن البرج الأصلي عشرة آلاف طن من الحديد ،في حين يزن البرج الثاني الجديد 20 طنا و يضم 3آلاف و131 قطعة، وطول البرج الجديد هو 32 مترا ، في حين أنّ البرج الأصلي طوله 130 مترا و تجري عليه عمليّة طلي وصيانة كلّ سبعة أعوام للحفاظ عليه من الصّدأ وتتطلّبُ العمليّة 60 طنّا من مواد الدّهن وتكلّف 40 مليون يُورو. وعمر البرج اليوم134 عاما، و تم تشييده عام 1889 و انطلقتْ أشغالُ بنائه في يوليو 1887 وانتهت في 31(مارس) آذار 1889 وتواصل تشييده طيلة عامين اثنين وشهرين و 5 ايام وشارك في إنجازه 50 مهندسا و300 عاملا .
صاحب فكرة “برج إيفل”و الذّي يحمل إسمه هو لمهندس والمعماريّ غوستاف إيفل Gustave Eiffel ولد عام 1832 وتوفي عام 1923. و مرت اليوم مائة سنة على رحيله عن عمر يناهز 91 عاما، و بهذه المناسبة ستنظم فعاليات كثيرة للتعريف به وتخليد ذكراه ـ حسب ما أفادت به بلديّة باريس ـ و سيقام هذا الصيف معرض ضخم في الساحة المحيطة ببرج إيفل يضم صوره وكتبه ومختلف تصميماته. وفي سياق إحياء هذه الذكرى جاء الترحيب بإقامة هذا البرج الثاني المؤقّت إذْ سيتم لاحقا تفكيكه واقتلاعه.
و الجدير بالذّكر أنّ هناك أدباء كبار في نهاية القرن التاسع عشر على غرار الروائي الشهير “هنري بلزاك” و الروائئ “غي دي موبسّان” انتقدوا فكرة إقامة هذا البرج الحديدي ولم يعجبهم شكله وتصميمه و ذهبوا الى حد القول في رسالة مفتوحة شهيرة نشروها وقتها في جريدة :”لوتون ” (الزمان ) أنه يجلب العار لباريس و لفرنسا و أنه يسئ للذّوق العام. و مما جاء في هذه الرّسالة الشّهيرة :” (…)نحن كتّاب ورسامون ونحاتون ومهندسون معماريون، نحن مجبو الجمال في باريس نحتج بكل قوة ضد إقامة برج قبيح في قلب باريس.”
ولكن التاريخ أنصف “غوستاف إيفل” ،فالبرج الذّي صممه وشيده هو اليوم أكثر المعالم التاريخيّة زيارة في العالم، و أصبح رمز ا لباريس و لفرنسا،و شهرته طبّقت الآفاق ،و قد عدّه البعض من بين عجائب الدّنيا ،و يزوره كل عام 7 مليون زائر ،أيْ بمعدّل 30 ألف زائر كل يوم،75 في المائة منهم هم من السياح .