الثورة – عبد الحميد غانم:
شكَّل حزب البعث العربي الاشتراكي أول حركة سياسية ربطت الأهداف الوطنية بالأهداف القومية للأمة العربية، ملبية تطلعات الجماهير الشعبية في كل ساحات الوطن العربي وطموحاتها نحو الوحدة والتقدم والتطور.
وقد انطلق البعث الذي قاد الجماهير وقواها الحية في سورية لإنجاز ثورة الثامن من آذار عام 1963 لتحقيق المصالح القومية للأمة، والتي لا تتناقض مع المصالح الوطنية للبلدان العربية، وإنما تتكامل معه وتتطابق في تحقيق الهدف خصوصاً في مواجهة التحديات المشتركة لهذه البلدان التي تجمعها الجغرافية والتاريخ والثقافة والعروبة والمصير والمستقبل.
على الرغم من مرور نحو 76 عاماً على تأسيس حزب البعث عقب انعقاد مؤتمره التأسيسي في دمشق وإعلان أهدافه ومبادئه الأساسية، فإن رؤية الحزب أثبتت صوابيتها، حيث ما شهدته المنطقة والعالم من أحداث أكدت وتؤكد من جديد على صحة وبُعد نظر البعث في التوجه نحو وحدة الوطن العربي، لما يحمله هذا الهدف من تعزيز قوة العرب وقدرتهم على مواجهة التحديات والضغوط الخارجية، وتعطيل مشروعات القوى الاستعمارية ومخططاتها الهادفة لتقسيم الوطن العربي وتجزئته وإضعافه، وأيضاً القدرة على مكافحة مظاهر التعصب والعصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية، وكل الأمراض السياسية والاجتماعية التي ابتليت بها الأمة نتيجة للاستعمار.
لقد أكَّد البعث على ثقافة الانتماء العربي الحضاري وليس العنصري الشوفيني كما حاول أعداؤه اتهامه بها، واتسم فكره بالإنسانية وبالانفتاح على الأمم والثقافات، ودعا إلى السلام والسمو في العلاقات الدولية والتعاون بين الشعوب، ودعا أيضاً إلى التحول من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، ومن حالة الكمون إلى حالة الفعل الخلاق المبدع.
التالي