بقلم: د. صابر فلحوط
الخرائط تُرسم، خارج حدود العقل، والمنطق والأرض، ومصائر الشعوب تُفصَّل حسب مشيئة المنتصر بجبروته وطغيانه، والأمة العربية تتابع المشهد مقطَّعة الأوصال مشلولة الإرادة، فاقدة البوصلة في صحراء السراب..
هكذا كانت الحال بُعيد الحرب الكونية الثانية، وما أشبه الليلة بالبارحة!
وقد ولدَ- البعثُ- تنظيمَ طليعة، ثمَّ بحراً من الجماهير، في موقد الأحداث العاصفة، محاولاً لملمة أطراف الجرح القومي، حاملاً راية الخلاص لأمة تعلِّم طائر الفينيق كيف يعود إلى الحياة من تحت المراد!
واستطاع البعث- الذي كان خلاصة توجهات ومجموع إرادات، ومختصر طموحات أمة- أن يحقق في الساحة المتاحة في البدايات ما يشكل الدليل والحادي الرائد في التيه السياسي..
وكانت وحدة العام 1958 مع مصر العربية، والزعيم الخالد جمال عبد الناصر أبدع الخطوات، وأروعها، التي أكَّدت أن الوحدة ليست حلماً وخيال شعراء، وأنها قابلة للتطبيق في الميدان الشعبي عند توفر الرجال المؤمنين والقادة العظام!
كما كانت وقفة العز في تشرين أمجد أيام العرب في القرن العشرين، جائزة- البعث- الكبرى، التي قدمها لتاريخ الصراع العربي الصهيوني الزعيم الخالد حافظ الأسد.
واليوم مع اتساع الجراح في فلسطين واستباحة العراق بالاحتلال الأميركي – البريطاني الذي لم يجد في يومه الأول، فوق أرض الرافدين هدفاً أهم وأضخم معنى ورمزاً، من تجريف قبر أحد أبرز مؤسسي البعث، وهو ما يؤكد أن الفكر القومي العربي الداعي لوحدة هذه الأمة وصحوتها هو المستهدف للاستئصال أولاً وقبل كل شيء، لأنه السلاح الأخطر في مواجهة الغزاة والمحتلين، غابراً وحاضراً ومستقبلاً..
واليوم، وجماهير الأمة من محيطها الى خليجها، تتجرع مرارة كأس التشظي والفرقة، والإقليمية، والقطرية، والعشائرية، والطائفية والعنصرية ومختلف السموم التي يوقد نارها وينفث سمومها المحتلون في فلسطين والعراق، تتلفت الى -البعث- فكراً، وعقيدة، وصموداً في وجه الرواجف والعواصف، باعتباره جسر الأمة إلى الضفة الأخرى، حيث وحدة القوة، وقوة الوحدة، لتحقيق آمال الجماهير في تحرير كل ذرة من التراب والحقوق في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، وأرض الرافدين.
وحسب -البعث- مجداً، وشموخاً، ان عشرات الأحزاب والحركات التي ولدت خلال النصف الثاني من القرن الماضي قد طواها تاريخ النسيان، ولم يبق في الساحة سوى المنظمات التي قبست وهجاً من جذوة -البعث- أو رشفت بلغة من نبعه المعطاء الذي يسكن ضمائر الجماهير ويتجذر في تاريخها العراق.
وفي رحاب ذكرى التأسيس لابدَّ أن نعاهد أمة -البعث- طلائعَ، وجماهير، في الدار العربية الواسعة، على مواصلة النضال على طريق الآلام والتضحيات، حتى تحرير كل ذرة من التراب المحتل، وتحقيق أهدافنا في بعث الرسالة الخالدة، وقيام المجتمع الوحدوي النهضوي المنشود..
ولنا من صمود شعبنا، وتضحيات جيشنا، وحكمة قائد حزبنا وشعبنا الرفيق المناضل بشار الأسد خلال عشرية النار، وخلع أنياب الإرهاب التكفيري الصهيو أميركي ما يعزز انتصارنا وتحقيق أهداف أمتنا الماجدة.
“وأن موعدنا الصبح، أليس الصبح بقريب؟”
* رئيس اللجنة العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني
التالي