الثورة – فردوس دياب:
تعد مشكلة إدمان المخدرات واحدة من أخطر المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه مجتمعات عديدة في العالم، وهي تنطوي على أبعاد متعددة طبية ونفسية واجتماعية وأخلاقية وكيميائية وقانونية واقتصادية، ناهيك عن أن تعاطي المخدرات يؤثر تأثيراً ضاراً في الفرد والأسرة والمجتمع بشكل عام.
إدمان المخدرات، تعريفه، تشخيصه، وأضراره وتأثيراته على الفرد والمجتمع كانت أبرز محاور الفعالية التي أقامتها كلية التربية ضمن نشاطات الأسبوع الأسري التوعوي والتي حاضرت فيها الدكتورة إقبال الحلاق الاختصاصية في الإرشاد النفسي.
حيث عرفت الإدمان “بأنه حالة نفسية أو عضوية تنتج عن تفاعل العقار في جسم الكائن الحي، الذي ينتج فيما بعد عملية الإدمان أو ما يسمى بالتعلق أو الاعتماد، وينتج عن ذلك أنماط سلوكية واستجابات مختلفة تشمل الرغبة في التعاطي وزيادة الجرعة للإحساس بالآثار النفسية المطلوبة”.
وتطرقت الحلاق إلى تصنيف المواد المسببة للإدمان، ومراحل حدوثه الذي يبدأ بالاستعداد نتيجة المشكلات الشخصية واستغلال المروجين لذلك، ثم مرحلة التعاطي التجريبي ومن ثم مرحلة ما قبل الإدمان ويليها مرحلة الإدمان وأخيراً مرحلة الإدمان المزمن.
الاتجاهات النفسية..
ثم انتقلت الاختصاصية في الإرشاد النفسي للحديث عن الاتجاهات النفسية المفسرة للإدمان، حيث تجتمع هذه الاتجاهات ضمن منظورات عامة وهي: المنظور الفيزيولوجي، ويعتمد هذا التفسير على أن المواد المخدرة تحدث تغيرات واضطرابات في حركة ووظائف أعضاء الجسم، ويشعر الفرد بالضيق إذا امتنع عنه، وهناك تفسيرات عددية ضمن هذا المنظور ومنها نظرية تكيف الجهاز العصبي، ثم المنظور البيولوجي الذي يرى أن العوامل البيولوجية لها دور كبير في حدوث الإدمان لدى الشخص، حيث وجد أن تعاطي بعض أنواع المخدرات يمكن أن تثير كثيراً من خلايا المخ المعروفة بمراكز الثواب، ما يخلق لدى المدمن اعتماداً بيولوجياً على المخدر.
وتضيف الحلاق أن المنظور النفسي تم عرضه وفق نظرية التحليل النفسي التي تشتمل على فكرتين: الأولى: الصراع بين القوى الغريزية “الأنا” أو”الأنا الأعلى”.
الثانية: “الأنا” المعيبة أي نقص أو ضعف تكوين “الأنا”، ما يضطرها إلى البحث عن وسائط تدعم موقفها في مواجهة الحياة. ويجب النظر إلى هاتين الفكرتين باعتبارهما متكاملين.
* تعويض عن نقص اجتماعي..
كما أشارت إلى مسألة مهمة وهي أن التعاطي يكون في كثير من الأحيان محاولة للتعويض عن النقص في القوة الاجتماعية والاستعاضة عنها بقوة مصطنعة يستشعرها أثناء تعاطيه، كذلك يمكن إرجاع سبب التعاطي نتيجة للخوف والتوتر والاحباط الذي يعانيه الإنسان.
أما المنظور الاجتماعي للإدمان فهو ينطلق من نظرية التعلم الاجتماعي وينتج عن مخالطة الإنسان لشباب تسيء استخدام العقاقير، ويستمر في التعاطي معهم لشعوره بالانتماء إلى تلك الجماعة، وتقوم الجماعة بدعم هذا السلوك، حتى يشعر المدمن بأنه واحد من أفرادها ويربطه بهم رابط قوي ومشترك هو تعاطي المخدرات.
التشخيص..
وجرت خلال الفعالية مناقشة تشخيص حالات الإدمان والتغيرات والأعراض التي تظهر لدى المدمن ومنها ما يتعلق بالأعراض الجسدية والصحية والنفسية والذهنية. مع عرض المشكلات النفسية والاجتماعية لمدمني المخدرات حيث تبين العديد من الدراسات وجود علاقة بين تعاطي المواد المخدرة والاضطرابات النفسية والقلق والاكتئاب والاغتراب النفسي وضعف قوة الأنا، مع صورة سلبية للذات، وغلبة الميول العدوانية والميول الانسحابية، وعدم الثقة بالنفس، وبالآخرين، وانخفاض مهارات توكيد الذات والقلق الاجتماعي، والنبذ من قبل الآخرين.
الوقاية..
تطال آثار الإدمان بحسب الحلاق علاقاته الاجتماعية وتكون بداية خسائره في علاقاته الأسرية والعائلية أولاً، ثم علاقاته بأصدقائه وزملائه في العمل، وكل من يقترب منه.
وعن كيفية مساعدة المدمن على مواجهة مشكلة الإدمان أوضحت أن ذلك يكون من خلال العلاج الطبي، النفسي، وإعادة التأهيل الاجتماعي.
وختمت الأستاذة الجامعية حديثها بالقول إن الوقاية من تعاطي المخدرات، تقع على عاتق الفرد والأسرة والمؤسسات التربوية ووسائل الإعلام والمجتمع، ولأنها مشكلة دولية فإن دول العالم جمعيها يجب أن تتضافر جهودها لمواجهة هذا الوباء.