الثورة:
توصلت دراسة إلى أن بعض خلايا البكتيريا يمكن أن تصبح “جائعة” وسريعة الانفعال، تماما مثلها مثل البشر.
ووجد علماء الأحياء المجهرية أن نقص العناصر الغذائية يتسبب في إطلاق بعض الخلايا البكتيرية للسموم الضارة في أجسامنا والتي يمكن أن تجعلنا مرضى.
وبينما ركزت الدراسة الحالية على بكتيريا واحدة فقط، إلا أنه إذا كانت النتائج متطابقة مع الأنواع الأخرى، فقد يمهد هذا لعلاجات جديدة للعدوى.
قال البروفيسور المسؤول عن الدراسة: “تتصرف البكتيريا بشكل مختلف كثيرا عما كنا نظن تقليديا. حتى عندما ندرس مجتمعا من البكتيريا المتماثلة جينيا، فإنها لا تتصرف جميعا بالطريقة نفسها. وقد أردنا معرفة السبب”.
واستخدم الفريق طريقة تحليل مطورة حديثا تسمى “التسلسل البكتيري القائم على المسبار” (probe-based bacterial sequencing)، لقراءة جزيئات الحمض النووي الريبوزي (RNA) لآلاف البكتيريا الفردية.
حيث توجد الأنواع البكتيرية الأخيرة بشكل شائع في الطبيعة وهي سبب رئيسي للتسمم الغذائي.
واقترح الباحثون أن الخلايا المتماثلة وراثيا داخل المجتمع البكتيري لها وظائف مختلفة، حيث يتصرف بعض الأعضاء بشكل أكثر طواعية بينما ينتج بعضها الآخر السموم التي تجعلنا نشعر بالمرض.
وقرر أن يلقي نظرة فاحصة على سبب تصرف بعض الخلايا كـ”سكان يتمتعون بسلوك حسن” والبعض الآخر “جهات فاعلة سيئة” مكلفة بإطلاق السموم في البيئة من حولها.
واختار الفريق بكتيريا Clostridium perfringens (أو C. perfringens)، وهي بكتيريا يمكن العثور عليها في الأمعاء لدى البشر والفقاريات والحشرات والتربة، للدراسة. وتمكنوا من فصل أو تقسيم الخلايا البكتيرية المفردة إلى قطرات لفك تشفير كل خلية على حدة.
وحددوا مجموعة سكانية فرعية بكتيرية تنتج وتطلق مادة سامة تعرف باسم “netB”. ومع ذلك، لا يحدث هذا إلا في حالة عدم وجود الأسيتات، وهو حمض دهني قصير السلسلة منتشر بشكل كبير في القناة الهضمية.
ووجدوا أن خلايا C. perfringens التي لا تنتج السموم كانت تتغذى جيدا بالمغذيات. من ناحية أخرى، يبدو أن خلايا C. perfringens المنتجة للسموم تفتقر إلى تلك العناصر الغذائية الأساسية.
واستنادا إلى اكتشاف أن العناصر الغذائية تلعب دورا مهما في السمية البكتيرية، قال البروفيسور روزنتال إنه يتساءل الآن عما إذا كانت هناك عوامل معينة موجودة في البيئة تعمل على “تشغيل” إنتاج السموم في مسببات الأمراض البكتيرية الأخرى بخلاف C. perfringens.
وإذا كان الأمر كذلك، فمن الممكن أن يوفر إدخال العناصر الغذائية للبكتيريا طريقة جديدة لعلاج الالتهابات البكتيرية لكل من البشر والحيوانات على حد سواء.
وفي الواقع، من المعروف أن C. perfringens تصيب الدجاج، كونها شديدة العدوى ومميتة للطيور، وبينما تبتعد صناعة الدواجن عن استخدام المضادات الحيوية، هناك حاجة إلى دفاعات جديدة ضد المرض.
ووفقا لذلك، تقترح الدراسة الجديدة طريقة جديدة محتملة للمزارعين لتقليل البكتيريا المسببة للأمراض بين قطعانهم دون اللجوء إلى المضادات الحيوية.
أما بالنسبة لنا نحن البشر، فهناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به.
ويسعى الدارسون لتطبيق النتائج التي توصلوا إليها مؤخرا لمعالجة تحمل مضادات الحيوية. ويحدث تحمل مضادات الحيوية عندما تكون بعض البكتيريا قادرة على تفادي الهدف الدوائي حتى عندما لا يطور المجتمع طفرات لجعل جميع الخلايا مقاومة لمضادات الحيوية. ويمكن أن يؤدي هذا التحمل إلى علاج أقل فعالية، لكن الآليات التي تتحكم في قابلية التحمل ليست مفهومة جيدا.
ومع اكتمال دراستهم الأولية، يواصل الباحثون الآن دراستهم لسلوك هذه المجتمعات البكتيرية المعقدة.