بدأت بعض مؤسساتنا تعلن وبكثير من الفخر إنجازاتها غير المسبوقة في نقل نفسها من الخسارة إلى الربح خلال السنوات الخمس الماضية، ولكن الكثير من العاملين لديها ومن خبرائها يؤكدون أنها ارباح وهمية وأرقام غير دقيقة بل مجرد لعبة محاسبية تنقل بعض الأرقام من بند إلى بند.
وإن أردنا إيضاح الأمر كنموذج لتلك الأرقام وهذا الحديث نشير إلى إعلان أحد المصارف إلى ربحه خلال السنة الحالية ومذكراً بأرباحه خلال السنوات الماضية وهي أرباح غير حقيقية بالنظر إلى أن أي مصرف في العالم يقتطع من إيراداته المتأتية من الخدمات التي يقدمها مبلغاً يسمى مؤونة يحتفظ به ليكون عامل الأمان لديه تجاه القروض المتعثرة فيما لو قرر بعض المودعين سحب أموالهم.
هذه المؤونة تكون قادرة على تغطية السحوبات المفترضة بحيث لا يقع المصرف في عجز تلبية السحب، ولاسيما أن القروض المتعثرة استنزفت جزءاً من السيولة وباتت خارج المعادلة، وفي حال الطلب لسحب مبالغ كبيرة من المودعين يكون المصرف قد وقع في عجز، إن لم يكن لديه معادل نقدي للمتعثر من القروض يقيه هذا العجز ما يعني أنها ليست فقط أمان المصرف من العجز بل أمانه في الحفاظ على سمعته، وهنا يكون الأمر.
إن عدم استعمال هذه المؤونة يعني أنها باتت مبالغ جاهزة للإدراج في أي بند من البنود، وبالتالي فإن عدم استعمالها في مواجهة السحوبات جعل من هذا المصرف يجعلها بمنزلة الأرباح وهنا تكون لعبة الأرقام التي جعلت من المصرف رابحاً من دون أي جهد، بل يوزع مبالغ بمئات الآلاف وبالملايين على موظفيه.
هي حالة ليست عامة، ولكنها موجودة في بعض المؤسسات وسبق وجودها، ولا بد من التدقيق في أرقام هذه الجهات التي تعلن أرباحاً غير حقيقية، ومن يقرأها لا يستطع تمييزها لعدم اختصاصه، في وقت يفترض فيه بكل مؤسسة الشفافية والمصداقية والصدق فيما تعلنه وتقوله على الملأ ولاسيما أن إعلان أرباح محدودة ليس أمراً بذي بال، ولا يضيف لرصيد الأداء شيئاً ما دامت الظروف العامة والحصار سبباً تعلنه بعض الجهات لدى كل تراجع في أدائها، ولدى كل تراخٍ في عملها.. والأمثلة كثيرة في مؤسساتنا.