الثورة – غصون سليمان:
للظروف الطارئة من حروب وكوارث حاجاتها وضروراتها وبالتالي كلما تمكن الأشخاص من التأقلم مع وضعهم الجديد الذي آلوا إليه بسرعة رغماً عنهم، كلما ازدادت فرصهم في استعادة استقرارهم وتوازنهم، وكلما استمر الأشخاص بالعيش في حالة الفوضى والارتباك دون أن يكون لديهم القدرة على استدراك المواقف لحل مشاكلهم، أصبح من الصعب تحسن حالتهم وبناء على ذلك فمن الضروري تقديم الدعم بسرعة بعد حدوث الكارثة أو أي أزمة أخرى.
وهذا ما عملت عليه الحكومة بكل مؤسساتها ووزاراتها والمنظمات غير الحكومية أثناء وقوع كارثة الزلزال ولغاية الآن، إذ ما زالت الأنشطة والفعاليات المجتمعية تواصل برامج عملها على جميع مستويات الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي من خلال التركيز على الموقف اللحظي وتداعياته القائمة على مساعدة الأشخاص لقبول حقيقة حصول ما حدث أثناء وقوع الزلزال من خلال تشجيعهم على التعبير عن الأحداث وعن مشاعرهم، لطالما بقيت الآثار والذكريات المؤلمة تلاحقهم باستمرار.
حيث يؤكد اختصاصيو وخبراء الدعم الميداني في المحافظات المنكوبة ومراكز الإيواء، وجوب احترام قرار الأشخاص في الرغبة بالصمت وينبغي عدم إجبارهم على الحديث عن تجربتهم الصادمة، ناصحين بتقديم معلومات دقيقة حول الموقف الطارىء عند حصول أي نوع من أنواع الكوارث، خاصة وأن الأشخاص أكانوا صغاراً أم كباراً يصبحون بحاجة أكثر للحصول على المعلومات سواء المتعلقة بالأوضاع الصحية وغيرها لمعرفة ماذا حصل، ولماذا حصل، وبالتالي يجب إعلامهم بطريقة منطقية حول ما حدث لهم، وما يمكن توقعه.
ويركز مقدمو خدمة الدعم على ضرورة عدم إعطاء وعود وضمانات لا يمكن تنفيذها لشريحة المتضررين، بمعنى يجب المحافظة على المصداقية والشفافية في كافة الظروف مع الأخذ بعين الاعتبار الضغط النفسي والاكتئاب وعدم الارتياح السائد لدى شريحة المتضررين، وفي نفس الوقت يجب إعطاء فسحة من الأمل حول التوقعات الإيجابية ونشرها بينهم مثل عبارة “أن الشخص سوف يتعافى ويتخطى كافة الظروف الصعبة”.
ومن الأمور الضرورية الأخرى التي ركز ويركز عليها مقدمو خدمات الدعم المختلفة هو العلم بأهمية اتخاذ التصرفات المناسبة بشكل عام، والتي تهدف من ناحية التدخلات بحالات الطوارئ إلى تمكين الأشخاص من تنفيذ بعض الأنشطة لمساعدة أنفسهم من خلال تنفيذهم للأنشطة بدلاً من اعتبارهم مستقبلين للمساعدات وهذا هو أساس نجاح التدخل، ولكن وفي نفس الوقت يجب عدم إغفال أهمية توفير بعض الوقت للأشخاص لاستيعاب الصدمة وتوفير الرعاية الشخصية ليكون لديهم القدرة والمساحة الذهنية على استيعاب كامل، لما حصل قبل اتخاذ أي اتجاه للاستجابة.
وفي هذا الإطار تشير رنا خليفاوي مديرة القضايا الأسرية بالهيئة السورية لشؤون الأسرة السكان وجوب الاهتمام بمبدأ لم شمل العائلة والبحث عن أفرادها أثناء وقوع الكوارث والعمل على لم شملهم إذ أنه من الممكن ازدياد حدة الضغط والقلق في حال غياب معلومات عن سلامة وموقع أفراد العائلة، فتوفير الدعم النفسي وتعزيز الطمأنينة يهدئ من الروع حسب قولها وخاصة حين الاستماع للأشخاص وإشعارهم بوجود من يهتم بهم سواء من الفريق المختص بالدعم أو من المجتمع المحيط، بحيث لا يترك أي شخص دون عناية ورعاية، مع التركيز على نقاط القوة والمرونة النفسية والنجاح الذي حققه الأشخاص للتغلب على مصاعبهم حتى اللحظة مؤكدة أهمية الثناء على تمكنهم من التأقلم مع الضيق والوجع وتشجيعهم على تطبيق الحلول التي تحتمل نسبة كبيرة للنجاح من ناحية الأثر.