فؤاد مسعد
أن يكتب إعلامي أو ناقد أو أن يخط مشاهد عادي على صفحته في الفيسبوك مدحاً أو ذماً أو نقداً موضوعياً عن مسلسل بعينه، فهذا أمر قد يكون مبرراً لكل منهم، لا بل يعكس في أحد أوجهه تفاعل مع العمل الدرامي، ولكن أن يقوم إعلامي بالتطبيل والتزمير لمسلسل فذلك خروج عن المنطق، والأدهى أن شركات إنتاجية لها صفحات فنية على الفيسبوك أو تتبع لها صفحات أو تتعامل معها وتمولها، يقوم كل منها بالتهليل المبالغ فيه للمسلسل الذي أنتجته هذه الشركة بالذات وتهيء الرأي العام لكيفية تلقيه على أنه العمل الذهبي والأعمال الأخرى كلها تأتي بمرتبة أدنى منه فهذا إجحاف كبير. وما يحدث أن هذه الصفحات وبتقديمها المواد والأفكار الجاهزة تشكل زاداً للعديد ممن يعملون في صفحات الفيسبوك والمواقع الأخرى وتقدم لهم مادة جاهزة للنشر لينهلوا منها باستسهال بغض النظر إن شاهد بعضهم العمل أو لم يشاهده، ودون أن يدري كثيرون أن هذه الصفحات هي ممولة أو محسوبة أو تابعة لهذه الشركة أو تلك.
وسط هذه «المعمعة» يضيع الموضوعي مع الذاتي لا بل قد تضيع القيمة الحقيقية للعمل ولما يُكتب عنه، وهنا لا ندعو إلى مصادرة حق الترويج لأنه من الأهمية بمكان أن يتم الترويج للمُنتج المحلي الجيد فهو يسوّق أساساً تحت عنوان عريض «الدراما السورية»، ولكن شتان بين الترويج الحقيقي ودوران عجلة الآلة الإعلانية، وشتان بين الحالة الإعلامية والحالة الإعلانية في ذلك كله. وبالتالي لا بد من الحرص على المتابعة والتغطية حتى خلال العرض وهو أمر تقوم به العديد من الصفحات والمواقع والوسائل الإعلامية التي تحترم المهنة وعقل المتلقي والعمل الذي تتناوله، مما نتج عنه في العديد من الأحيان حالة متقدمة حققتها بعض الصفحات من خلال المتابعة اليومية، ولكن المغالاة في ذلك والانجراف وراء أعمال لشركة بعينها والانسياق الأعمى وراء ثقافة «التريند» قد يقلب الموازين في لحظة ويعطي الحق لمن ليس له، مما يثير العديد من التساؤلات وبرسم إشارات الاستفهام.
مما لا شك فيه أن العديد من العوامل تلعب دورها في آلية تلقي العمل عند الجمهور في شهر رمضان، بما فيها وقت العرض وإن كان مناسباً للمشاهدين أم هو «وقت ميت»، إضافة إلى المحطات العارضة وإن كانت مُتابعة من قبل الناس أو غير مُتابعة، ولكن الأمر الذي ينبغي أخذه في الحسبان هو رأي المشاهد العادي الذي بات اليوم من أهم النقاد وأكثرهم حدة وحنكة، لا يهادن وإنما ينتقد بصدق وعفوية دون أية حسابات، وكثيراً ما يذهب إلى أبعد من ذلك من خلال تناول التفاصيل والإشارة إلى مكامن قد تغيب أحياناً عن اختصاصيين، وبعيداً عن تصنيف البعض بين النقد الأكاديمي والرأي الانطباعي وبين اللغة المقعّرة واللغة المبسطة القريبة من الناس، وبعيداً عن أية حسابات من أي نوع، فمن حقنا أن نحتفي بأعمالنا الدرامية السورية وأن يتم ذلك ضمن شرط موضوعي غير خاضع لسلطة «البروباغندا» التي يصطنعها الدخلاء والمتعربشون ومن تقوقعوا في امتهان التسويق والترويج فقط لا غير.