الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
أقرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بأن العقوبات الاقتصادية ضد دول مثل روسيا يمكن أن تقوض هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، واعترفت بأن العقوبات تخلق رغبة لدى الصين وروسيا وإيران لإيجاد بديل في سوق الصرف.
وقالت يلين في مقابلة مع شبكة سي إن إن: “هناك خطر عندما نستخدم العقوبات المالية المرتبطة بدور الدولار والتي بمرور الوقت يمكن أن تقوض هيمنة الدولار”، وزعمت أن الولايات المتحدة تستخدم الدولار فقط كأداة “بحكمة”، وهي كذبة صارخة حيث تستخدم واشنطن العقوبات كأداة للضغط بدلاً من ذلك، وفي رأيها أن العقوبات الاقتصادية “أداة فعالة للغاية” لأنه من الصعب إيجاد بدائل للدفع.
بحلول نهاية عام 2022، أصبحت روسيا الدولة الأكثر معاقبة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع أكثر من 13072 عقوبة ، متجاوزة بكثير دول مثل إيران (4069) وسورية (مع 2644).
ذكرت موسكو أن ناتجها المحلي الإجمالي انخفض ما بين 3٪ و 3.5٪ في نهاية عام 2022، وهو بعيد كل البعد عن التوقعات الأولية للبنك المركزي الروسي التي قدرت انخفاضاً بنسبة 8٪ إلى 10٪.
حتى أن تنبؤات البنك المركزي أبعد ما تكون عن توقعات ماسمي بـ “يوم القيامة” التي أدلى بها العديد من المحللين الغربيين، وبدلاً من ذلك، تجنبت الولايات المتحدة بصعوبة الركود في عام 2022، بينما سجلت المملكة المتحدة وألمانيا نمواً أقل من روسيا، مما يسلط الضوء على فشل حزمة العقوبات، وهذه العقوبات، التي من شأنها أن تسحق معظم البلدان، لم تثنِ روسيا ذرة واحدة عن عمليتها العسكرية ضد أوكرانيا.
في الواقع، يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تشعر الآن بآثار دعمها المتهور لأوكرانيا، حيث أعلن وكيل وزارة الدفاع كولين كال أن الموارد الأمريكية للجيش الأوكراني كبيرة ولكنها ليست بلا حدود، وأوضح في خطاب على الإنترنت نظمته مجلة فورين بوليسي أن إحجام الولايات المتحدة عن تزويد أوكرانيا بطائرات إف -16 كان بسبب مشاكل لوجستية.
يشير هذا إلى أنه على الرغم من فشل العقوبات بشكل واضح، فإن عملية نزع الدولرة تتسارع، وتلمح إلى أن موارد الولايات المتحدة ليست لانهائية، ويبدو أن واشنطن ستواصل استنزاف أموال دافعي الضرائب الأمريكيين في محاولة يائسة لإضعاف روسيا.
كما كتبت باتريشيا آدامز ولورانس سولومون في مقال لـ “أمريكان ثينكر” ، فإن العقوبات تتشكل لتكون أكبر أخطاء الغرب في التقدير في التاريخ الحديث، فلم تؤد العقوبات إلى ركوع الاقتصاد الروسي، كما كان متوقعاً على نطاق واسع.
وبدلاً من ذلك، فإن الاقتصادات الغربية هي التي تترنح، ونموها الاقتصادي شبه متوقف، حيث يعاني الكثير منهم في نفس الوقت من ارتفاع معدلات التضخم ونقص الطاقة.
وفي الوقت نفسه، فإن روسيا لا تنجو فحسب، بل تزدهر، وتكتسب المزيد من القوة والمكانة في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية أكثر من أي وقت مضى منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
وقد دعت دول مثل الصين والهند والبرازيل مؤخراً إلى إزالة الدولار من الاقتصاد العالمي ودعم زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة، واعتقدت الولايات المتحدة بحماقة أن شراسة العقوبات واستبعاد روسيا من المؤسسات المالية الغربية سيجعل البلاد تخضع لمطالبها، لكنها بدلاً من ذلك، كان ذلك بمثابة إظهار للقوى الناشئة غير الغربية الأخرى التي يمكن استهدافها أيضاً بسرعة كبيرة وأنهم بحاجة إلى التعاون للتغلب على مثل هذه المشكلات.
لقد تجاوز اليوان الصيني الدولار الأمريكي في شباط للمرة الأولى باعتباره العملة الأكثر تداولاً في روسيا، فقد تم استخدام اليوان بهامش أوسع في آذار، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، ويذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره الصيني شي جين بينغ في آذار أن موسكو مستعدة للتحول إلى اليوان لتسويات التجارة الخارجية.
وذكرت وكالة فرانس برس في 14 نيسان أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا انتقد هيمنة الدولار الأمريكي، ودعا الدول الناشئة إلى طرح عملة بديلة للتجارة.
من الصعب معرفة ما إذا كانت واشنطن تتوقع نجاح روسيا في إقناع دول عدم الانحياز بالموافقة على المدفوعات بالعملات المحلية، لكن بالتأكيد كانت هناك تحذيرات عديدة من قبل محللين مستقلين بأن هذا سيكون هو الوضع، والآن بعد أن حدث ذلك، ليس أمام الولايات المتحدة خيار سوى الاعتراف بأنها ساهمت في نزع دولرة الاقتصاد العالمي، على حسابها، من خلال معاقبة روسيا.
المصدر – غلوبال ريسيرش