دمشق – ثورة زينية:
سوق بلا أبواب، أو حراس أو رقابة، والأهم أنه بلا محلات تجارية، هوعبارة عن أرصفة قديمة متقابلة تقع تحت بناء قديم في شارع الثورة وسط العاصمة دمشق يتربع على مداخل مؤدية لأسواق العاصمة الشهيرة.
ففي دائرة لا يتجاوز قطرها 200 متر في شارع الثورة يوجد سوق يسمى سوق الحرامية حيث درجت التسمية عليه منذ عشرات السنين، ويعود وجود السوق إلى حوالي 50 سنة مضت، وكان في السابق جزءاً من سوق الهال القديم، قبل تحوله بشكل تدريجي إلى ما يسمى اليوم سوق الحرامية واشتهر ببيع المسروقات، ليتحول لاحقاً إلى سوق للبالة والأدوات المستعملة.
ورغم نفور الكثيرين من تسمية السوق سوق الحرامية إلا أنهم يترددون يومياً لبيع وشراء بعض الألبسة القديمة والأغراض المنزلية التي تباع بأسعار رخيصة، لكن هذا السوق مع مرور الوقت بات مصدر إزعاج حقيقياً في منطقة تواجده، كما أن التوزع العشوائي للبسطات بشكلها الحالي والفوضى التي تسود المكان جعله بؤرة لا تليق بمجاورة المدينة القديمة في وسط العاصمة كما لا يخلو يوم من حدوث مشاجرات ومشكلات نتيجة المضاربات التي تحدث بين الباعة في الأسعار، حيث يتفق الباعة على سعر محدد لكل قطعة، ولكن البعض يخرق هذه الاتفاقات لتشتعل الخلافات وتتسبب بالعديد من الحوادث نظراً لعدم تنظيم هذا السوق وعدم وجود جهة تشرف عليه بشكل مباشر.
محافظة دمشق بنت سوراً لعزل السوق عن منطقة المشاة والسيارات للتخفيف من الاختناقات المرورية، لكن هذا السور تحول إلى بؤرة لرمي القمامة من أمتعة وأغراض قديمة غير قابلة للاستعمال وبقايا الخضار والفواكه الفاسدة وحماماً مكشوفاً لأصحاب البسطات والسائقين.
السوق حسب التصريحات المتكررة للمعنيين في محافظة دمشق تابع لتنظيم غرب سوق الهال القديم، وهي منطقة استملاك لشارع الملك فيصل التي تمتد كمرحلة أولى من هذه المنطقة انتهاءً بباب السلام ومدخل باب شرقي، و كان من المخطط لهذا الشارع أن يبدأ بشارع الثورة وينتهي بباب شرقي دون المرور بساحة التحرير وشارع بغداد وباب توما، الا أن ما حصل أن هذا الشارع اعتبر شريحة أثرية مسجلة في اليونسكو ولذلك تم توقيف المشروع نهائياً وتوقف الاستملاك في هذه المنطقة، والبيوت الموجودة في هذه المنطقة لا تزال ترزح تحت وطأة الاستملاك ولم تستطع المحافظة حتى الآن حلها، لأن الأمر يحتاج إلى معالجة قانونية كبيرة وتخطيطية وتنظيمية.
والمساحة التي يشغلها اليوم مجموعة من أصحاب البسطات المتواضعة التي تبيع أشياء مستعملة ورخيصة في ما يسمى سوق الحرامية تم السماح في عام 2004 بوضع بسطات مؤقتة للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة من الفقراء لوضع بسطات صغيرة والترزق من ورائها لتأمين قوتهم اليومي.
وحسب الدراسة الأخيرة للمكان التي وضعت منذ 5 سنوات تم تخصيص مكان سوق الحرامية الحالي كمكان للبسطات المجانية ولكن لم تنته هذه الدراسة حتى الآن، والتي هي عبارة عن مشروع تجميلي يصطدم بعدة عوائق لوجستية وعمرانية وقانونية للمباشرة بتجميل هذا الموقع.
التشويه البصري وبؤر القمامة والفوضى التي يسببها وجود هذا السوق في قلب العاصمة تحتاج إلى إعادة نظر وتحرك عاجل من قبل محافظة دمشق لمعالجة وضعه لاسيما أنه يجاور المدينة القديمة.
فلم كل هذا التأخير في إنجاز تجميل السوق وتركه على هذا الوضع المزري، ولم لا يتم تجهيزه وتجميله وجعله متاحاً لكسب لقمة العيش بشكل لائق ونظيف يحفظ ماء وجه أولئك البسطاء الذين يحاولون الصمود في وجه الغلاء وصعوبة الوضع المعيشي نتيجة ظروف الحصار التي تمر بها بلادنا؟!.