الثورة – غصون سليمان:
“أنت فاشل ،أنت غبي، أنت مهمل”.. وغيرها من العبارات أو الكلمات التي تطلق بشكل عام على أي شخص لم يفلح بجانب معين من حياته، وقد يعتبر البعض إذا مافشل بدراسة أو مشروع أو علاقة عاطفية أنها نهاية العالم ..
وهناك من يصف حالات الفشل بأنها جزء لايتجزأ من النجاح وأنها جزء بديهي من الحياة لطالما عكس المعنى ليس له معنى، لأن الفشل هو الذي يعطي معنى للنجاح كما “الليل والنهار ،الأبيض والأسود،الصح والخطأ”.
اختصاصية الإرشاد النفسي والتربوي مريم الحاج عثمان تقول عن حالة الفشل بالمدرسة أن فيها كل دروس النجاح ولكي ينجح المرء يجب أن يكون لديه تجارب عديدة وغنية بالفشل حتى ينجح، إذ لا أحد بيننا لم يذق طعم الفشل ربما بمشروع مهني ، او دراسي، بخطة زواج او علاقة عاطفية فاشلة ،لكنه بالتأكيد يجب ان يؤدي هذا الفشل الى النجاح لطالما أصبح لدى المرء النضج العقلي والنفسي مايمكنه من الاختيار والتفكير بشكل إيجابي.
وعن كيفية تحقيق الإنجاز والهدف تقول عثمان : علينا أن نتعامل مع الفشل كأنه صديق بمعنى ان نتقبل وجوده في حياتنا لأن ٥٠% من مشكلاتنا يجب الاعتراف بها فهي معركة واحدة ،ومعارك الحياة كثيرة ومتعددة ،فالتوصيف هنا أمر ضروري حين يراجع المرء نفسه بأنه فشل بكذا وكذا ،اذ ليس من المعقول أن يفشل المرء طيلة حياته، وبالتالي لايوجد إنسان لم ينل منه بعض الفشل، فجميعنا معرضون للإخفاق هنا والنجاح هناك.
واذا ماكان السؤال عن ردات الفعل المختلفة لدى الناس، توضح اختصاصية الإرشاد النفسي بأن التنشئة والتربية تلعب دورا مهما في صقل الشخصية، فإذا لم تتعزز ثقة الشخص بنفسه منذ الصغر سوف تتحول إلى مشاعر سلبية في الكبر تبعده عن خوض تجارب جديدة، لذلك فإن التحدي هنا مطلوب بأن نحول الفشل إلى دافع حقيقي للنجاح، منوهة بأن من تربى على الخوف وعدم الثقة ولايشارك رأيه بشيء، لاشك أنه سيخاف من الفشل، وإذا ما وقع فيه يصعب تجاوزه نحو النجاح ، لذا يجب التعامل معه كصديق.
وفي سؤال آخر فيما اذا كان الشخص لم يترب على الخوف ويعيش أجواء إيجابية جدا في حضن عائلته ولكنه يخاف من اي فشل قد يحدث له فتلاحقه نظرات الأهل والمحيط، تؤكد الحاج عثمان بأن الفشل هو الذي يدلنا على نقاط قوتنا وضعفنا، كأن يكون ناصحا لنا كي ننتبه وألاً نجرب مرة أخرى ماكنا قد سلكناه ولم نفلح به، فالفشل ينصح الإنسان بطريقة غير مباشرة اذا اعتبرناه صديقا نأخذ ونعطي معه في محاكمة نفسية داخلية.
أما في حال اعتبرناه شيئا سلبيا وانه نهاية العالم من المؤكد أن تكون ردة الفعل سلبية، والناس السلبيون هم الأكثر حديثا في هذا الموضوع، فإذا ما أخفق أحدهم بأي شيء يقوم به فإنه يردد عبارة دائمة “أنا أعرف حظي” وان يقول طالب أو طالبة “كل مادرسته لم يأت منه شيء انا منحوس..انا منحوسة “نافيا أن التركيز وتنظيم الدراسة هو الأساس لأن الفعل الواعي لا يفرق بين الحقيقة والخيال وحتى لو انجز لا يذهب إلى الفعل الإيجابي بل يذهب فورا إلى الذكرى المؤلمة ، مايتطلب أن يتطلع المرء بنظرة إيجابية للخروج من الذكرى المؤلمة التي خاضها المرء بحياته ،
وبالتالي من المهم جدا ألا يعود المرء إلى الماضي حسب رأي الاختصاصية النفسية بل يعيش الحاضر واللحظة التي هو فيها ،لأن عيش الحاضر يولد الأفكار ويساعد على النظرة الايجابية تجاه المستقبل.. ولعل المفيد هنا اعتماد الهدوء ووضع هدف موافق لقدرات الشخص للعمل عليه خطوة بخطوة، للتمكن من عبوره وتحقيقه بسلام وأمان. إذ ليس بالضرورة أن نحصل على أفضل وأحسن شيء وأعلى درجات النجاح بل المهم هو تقدير الذات واستثمار القدرات بشكل صحيح على أرض الواقع حيث النجاح هو نوعي ونسبي.
وأشارت الحاج عثمان إلى وجوب الابتعاد عن الناس المحبطين ، من أصدقاء وزملاء وأقارب فهم متعبون دون فائدة.. لافتة أن الفشل ماهو الا دروس وعبر لتطوير الخطوات فيما بعد، إذ من فوائده معرفة النفس والابتعاد عن الهشاشة النفسية والسذاجة أو الغفلة حين اتخاذ القرارات الصائبة لما بعد في المستقبل.