الثورة – ترجمة ختام أحمد:
في خطوة غير مسبوقة قامت قناة الـ BBC بعرض جزأين عن تأسيس “إسرائيل” من خلال برنامج أسمته “الأرض المقدسة ونحن”.
تضمنت الحلقة الأولى شهادة عن مذبحة سيئة السمعة في أوائل عام 1948 ارتكبتها مليشيات يهودية “أرغون” راح ضحيتها أكثر من 200 فلسطيني، كان أكثرهم من النساء والأطفال، وحدثت قبل أسابيع من إعلان قيام “إسرائيل”.
وبالمقابل قامت صحيفة الغارديان بوصف البرنامج “بخرق المحرمات”، وعلى عكس عشرات المجازر اللاحقة التي ارتكبها الإسرائيليون والتي تم التستر عليها فقد تم نشر الفظائع في قرية دير ياسين، وما تعرف بمجزرة دير ياسين، حيث وصل عدد القتلى إلى أكثر من 200 فلسطيني.
ولا أحد يعلم العدد الحقيقي للقتلى، وكلا الطرفين كانا ينشران الأخبار بشكل سريع؛ فالفلسطينيون كانوا يعملون على جذب الاهتمام من أجل التدخل الدولي لمساعدتهم، والإسرائيليون كان هدفهم إرهاب المزيد من الفلسطينيين وطردهم من وطنهم حتى يتمكنوا من إقامة “دولة يهودية” بسهولة أكبر على أنقاض الدولة الفلسطينية.
ومع ذلك فمن المفارقات اليوم أن لا أحد يعرف شيئًا عن دير ياسين – أو عن الفلسطينيين الذين طردتهم القوات الإسرائيلية من منازلهم وأراضيهم خلال عملية محو استمرت عاماً كاملاً وهذه الأحداث يعرّفها الفلسطينيون باسم “نكبتهم” .
من المحتمل أن هذا هو السبب في أن برنامج “الأرض المقدسة ” الذي تم عرضه على قناة بي بي سي يبدو خرقاً للمحرمات.
على مدى 75 عاماً، لا يعتبر السياسيون ووسائل الإعلام الغربية أن إسرائيل تحتل أراضي الفلسطينيين، ولا يعترفون بما يسمى بـ “الصراع” الإسرائيلي الفلسطيني، بل ويصفون الفلسطينيون بالإرهابيين، وازدياد “العنف الإسرائيلي” يظهرونه كانتقام ولنشر الأمن، كما لو أن الفلسطينيين هم من يحتلون أرض الإسرائيليين.
لقد وصل يهود أوروبا إلى أرض الفلسطينيين برعاية بريطانية، وكانوا يقومون بحملات عسكرية بأسماء مثل “عملية المكنسة “، وبدون مثل هذه العمليات لم تكن هناك “إسرائيل” اليوم، ولهذا وضع الآباء المؤسسون “لإسرائيل” مبادئ الطرد الخاصة بهم في وثيقة سيئة السمعة اسمها “خطة داليت”.
في الحلقة الأولى من البرنامج يسرد قصة المذبحة التي تدمي القلب للفلسطينيين في دير ياسين على يد ميليشيا أرغون اليهودية، اثنان من قادتها، مناحيم بيغن واسحق شامير، اللذان أصبحا رئيسين لوزراء “إسرائيل” فيما بعد، وربطاها بقصة أحفاد يهودي بريطاني، ليونارد غانتس، الذي اختار مغادرة لندن، للتوجه إلى فلسطين التي كانت تحكمها بريطانيا آنذاك للمساعدة في بناء “دولة يهودية”.
شارك العديد من المهاجرين اليهود، في عمليات التطهير العرقي ضد السكان الفلسطينيين الأصليين، وبمساعدة الغرب، حيث تمكنوا من طرد 750 ألف فلسطيني من المناطق التي كان من المقرر أن تكون في نهاية المطاف “دولة يهودية”، حيث تم طرد حوالي 80 في المائة من السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في تلك المناطق.
في المراحل الأولى من النكبة ، أراد الأرغون مذبحة كبيرة – أبرزها النساء والأطفال – لإرهاب الفلسطينيين الآخرين ودفعهم إلى الفرار.
ما سبب اختيار دير ياسين؟ هو موقعها الاستراتيجي القريب من طريق واصل بين تل أبيب والقدس.
الحلقة الثانية تسلط الضوء على تنظيم مسلح يدعى كيبوتس تم بناؤه لطرد المزارعين الفلسطينيين المستأجرين بالقرب من بحيرة طبريا.
لقد جاء اليهود إلى فلسطين لأن القوى الغربية كانت تنظر إلى المنطقة على أنها أرض لمجموعة عرقية غير مرغوب فيها، ويمكن حل المشكلة اليهودية والاستفادة من اليهود في المنطقة كما اقترح وعد بلفور البريطاني في عام 1917 وفيه حصل الغرب على دولة يهودية بالوكالة وقاعدة عسكرية متقدمة للقوى الغربية في الشرق الأوسط العربي الغني بالنفط.
نحن بحاجة إلى مواجهة حقيقة إنشاء “إسرائيل” على أنقاض الوطن الفلسطيني، هذا يتطلب الحقيقة والمصالحة وليس التعاطف.
وأخيراً السؤال الأهم: هل سيتعين على الفلسطينيين الانتظار 75 عاماً أخرى لسماع اعتراف بي بي سي بأنهم يعيشون تحت الاحتلال؟. تماماً كما كان عليهم الانتظار 75 عاماً حتى تعترف بي بي سي بأن النكبة تكمن في جذور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
المصدر – أنتي وور