لم تجاف مجلة (فوكس)الألمانية الحقيقة عندما تتحدث عن تراجع دور الاتحاد الأوروبي على الساحة الدولية، بل أنها أكدت المؤكد لدى كل من قرأ التاريخ وتمعن بدروسه التي أثبتت على الدوام أن الشعوب التي تسوقها حكوماتها لخدمة جهة أخرى، هي التي ستنتصر بعد أن تنفض عن كاهلها غبار التبعية والخضوع وتحقق التغيير الذي يخدم حاضرها ومستقبلها.
فمنذ أن تجلببت أوروبا بالعباءة الأميركية أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها، وأصبحت تسير وفق رغبة واشنطن التي تعتبر نفسها السيد والملهم للأوروبيين الذين عليهم السمع والطاعة، أنتج هذا الوضع غير السوي في العلاقات الدولية فكراً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً تربت عليه الطبقة الحاكمة في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما جعل الحكومات الأوروبية تسير خلف سيدها الأميركي .
وقول مجلة “فوكس” الألمانية: (إن الاتحاد الأوروبي يُعتبر قزماً من الناحية السياسية، وإنه من الناحية العسكرية يشبه الدودة)، هذا الكلام يعدّ شاهداً من وسط المعاناة التي تعيشها شعوب أوروبا، نتيجة عدم تمتع الاتحاد الأوروبي بالوحدة السياسية التي تمكنه من الدفاع عن نفسه، وهذا ما قاد إلى خروج الدول الأوروبية مجتمعة أم فرادى من التأثير على المجريات الدولية، وأصبحت القارة العجوز هامشية بعد قرون من السيطرة والاستعمار.
وطالما بقيت الحكومات الأوروبية تسير وفق البوصلة الأميركية ستبقى الشعوب الأوروبية تعيش بواد، وحكوماتها بواد مغاير تماماً لتطلعاتها ورغباتها المشروعة، وسيبقى الغياب القسري للأوروبيين عن الساحة الدولية هو سيد الموقف، ومهما خرجت بعض الأصوات الداعية للانعتاق من الهيمنة الأميركية، كالتي عبر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً تبقى أوروبا في مهب رياح التغيير التي بدأت تعصف بالساحة الدولية .