الثورة – ترجمة محمود اللحام:
في 27 شباط الماضي، وافق الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش ورئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي على الاتفاق الإطاري الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي لتطبيع العلاقات بين بلديهما.
في 18 آذار الماضي، بعد 12 ساعة من المفاوضات، وافقا أيضاً على ملحق الاتفاقية – خطة لتنفيذ الالتزامات، التي تم التعهد بها بموجب الاتفاقات السابقة، لكن أياً من الطرفين لم يوقع على الوثائق، إلا أن الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل نشرها، معلناً أن كلا الطرفين قبلها دون تغييرات وملتزمين بتنفيذها على الفور.
تنظر الحكومات الغربية إلى حرب أوكرانيا كقوة لتسريع البناء الأوروبي وفرصة لتعزيز العلاقات مع البلقان ومحاولة لتقليل نفوذ روسيا في المنطقة.
وبالفعل، لم تعد صربيا قادرة على الاعتماد على دعم روسيا، على الرغم من أنها محايدة ولم ترفض حتى الآن الانضمام إلى العقوبات.
كان مصدر إلهام الاتفاقية الإطارية هو المعاهدة الأساسية لعام 1972 بين ألمانيا الشرقية و ألمانيا الغربية السابقتين.
في عام 1969، وضع المستشار الألماني الغربي المنتخب حديثاً فيلي برانت سياسة التعايش السلمي تجاه أوروبا الشرقية، بهدف تطبيع العلاقات وإضفاء الطابع الإنساني عليها.
وعلى الرغم من أنه لم يعترف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية كدولة بموجب القانون الدولي (من أجل إبقاء خيار إعادة التوحيد في المستقبل مفتوحاً)، فقد اعترف بحكم الواقع بوجود ألمانيا أخرى، انضم الألمان إلى الأمم المتحدة بعد بضعة أشهر.
تمت صياغة الاتفاقية الإطارية الجديدة من قبل إيمانويل بون وجينس بلوتنر، المستشارين الدبلوماسيين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز على التوالي، وميروسلاف لاجاك، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في حوار بلغراد – بريشتينا، وكان معروفاً شعبياً باسم “فرانكو” – خطة ألمانية، قبل أن تصبح اقتراحاً أوروبياً تدعمه الولايات المتحدة، وهو يتضمن نقاطاً كانت قيد المناقشة لأكثر من 20 عاماً، بما في ذلك اتفاقيتا بروكسل 2013 و 2015.
إن ابتكاراتها الرئيسية هي الأهمية الأساسية التي توليها المجموعة الأوروبية لتطورين (مرتبطين) منذ حرب 1998-1999: ظهور دولة كوسوفو، وحقيقة أن المجتمعات الصربية في كوسوفو لها هويتها الفريدة وحافظت على علاقات وثيقة مع بلغراد.
يتفق الطرفان (صربيا وكوسوفو) على تطوير علاقات حسن الجوار الطبيعية مع بعضهما البعض على أساس الحقوق المتساوية؛ صربيا لن تعترض على عضوية كوسوفو في أي منظمة دولية؛ وستعمل كوسوفوعلى ضمان مستوى مناسب من الإدارة الذاتية للجالية الصربية لديها وقبول إمكانية تقديم صربيا للدعم في مجالات محددة، بما في ذلك التمويل، وقد اقترحت فرنسا جدولاً زمنيا دقيقاً لتنفيذ الاتفاق، حيث تبدأ كوسوفو المفاوضات على الفور لتحديد وضع رابطة بلديات الأغلبية الصربية؛ وسيتم تشكيل لجنة مشتركة لمراقبة تنفيذ الاتفاقية في غضون 30 يوماً؛ ويوافق الطرفان على عدم منع تنفيذ أي من المواد.
وعندما سئل لاجاك عما إذا كانت الاتفاقية بحاجة إلى المصادقة عليها من قبل برلماني كوسوفو والصرب، قال: بمجرد الانتهاء، يرى الاتحاد الأوروبي هذا على أنه اتفاقية ملزمة، والأمر متروك للطرفين لضمان استدامته فيما يتعلق بأنظمتهما القانونية، وبالنسبة لنا من المهم أن تحترم الأطراف الالتزامات التي قبلتها في 27 شباط و 18 آذار، لكن ماذا لو رفضوا القيام بذلك؟.
بعد لقائه بممثلي المفوضية الأوروبية وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة أواخر كانون الأول الماضي، أخبر فوتشيتش المراسلين أنهم قالوا: إذا لم تقبل صربيا هذه الخطة، فستواجه عواقب في عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وانسحاب الاستثمارات الأوروبية منها، كما سيواجه تدابير سياسية واقتصادية عالمية ضارة.
في أوائل شباط، أخبر البرلمان الصربي مرة أخرى أنه لا يمكنه قبول إعلان بريشتينا الاستقلال من جانب واحد لأنه يتعارض مع الدستور الصربي، الذي يشير إلى أن كوسوفو جزء لا يتجزأ من أراضي صربيا. كما أنه يتعارض مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1244 (الذي تم تبنيه في عام 1999) بشأن وحدة أراضي جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية آنذاك، ومع ذلك ، فإن هذا لم يمنعه من الاقتراب من الاعتراف الفعلي.
أخبر كورتي، الذي يعتبره المفاوضون أنه أكثر تشدداً، برلمان كوسوفو في 13 شباط الماضي أن المبعوثين الأمريكيين والأوروبيين قد ضغطوا عليه، وأوضحوا أن أي رفض للاقتراح سيؤدي إلى اتخاذ إجراءات عقابية دبلوماسية مضادة ضد كوسوفو، وسيؤدي إلى إضعاف خطير للثقة بين كوسوفو وبين بلدان الاتحاد الأوروبي، وبعد شن حملة ضد تشكيل اتحاد البلديات الصربية (الذي عارضه حزبه بشدة في الماضي)، سيتعين على كورتي قبول فرصة انضمام كوسوفو إلى الاتحاد الأوروبي لتجنب فقدان الدعم والاستثمار من الاتحاد الأوروبي.
المصدر – لوموند ديبلوماتيك