بين عطاء المال وعطاء الروح خيط من اللباقة وحسن التصرف، شريان يغذي بنية النفس الحميدة ، فالحياة تأخذك بحلوها ومرّها ،بحملها الثقيل والخفيف لكن يبقى حلمها صائباً اذا ما أردت الخوض في مدرسة الواقع المليئة بالعبر والحكم و خبرة التجارب .
ولعلّ الأدب العام كعنوان عريض للتعاطي في العلاقات الاجتماعية، هو شكل من أشكال التربية الأسرية والمجتمعية لأن حسن المعاملة هي ميزان التقييم بالنهاية لأي فعل أو سلوك، وعليها تتوقف مسائل عديدة للفهم والإدراك.
فما تحبّه لنفسك من معروف اصنعه أو تمناه لغيرك، وما تكرهه تجنبه دون إجبار أو تصدير للآخر ..
سئل حكيم يوماً بعبارة “من أين تعلمت الأدب.. كان جوابه من قليلي الأدب ” .وبالتالي لطالما نعيش الشيء ونقيضه لماذا لايحسن البعض اجتياز النواقص بحسن التفكر والتدبر من خلال النظرة الشمولية للأشياء المعنوية قبل المادية والتي تترك في النفس مساحة من التأثر الإيجابي أو السلبي.
كلّ مافي الحياة يحتاج رشة قليلة من الملح والعطر والتهذيب قولاً وفعلاً.
ومما روي عن أحد الآباء حين نصح ابنته وهي تضع بعض الطعام والفاكهة بشكل عشوائي في وعاء واحد لحارس البناء، فطلب منها إحضار عدد من الصحون لوضع كلّ صنف على حدة في صحن،مع ترتيب الصينية ، وإضافة كأس الماء ومعه الملعقة والسكين، ففعلت ذلك ثم ذهبت.
وحين عودتها سألت أباها عن المغزى .
فكان رده ورؤيته بأن الطعام صدقة بالمال ، وأما الترتيب فهو صدقة بالعاطفة ، حيث الأول يملأ البطن ، والثاني يملأ القلب. أي أن الأول: يُشعر الحارس أنه متسول أرسل له بقايا الأكل ، أما الثاني: يُشعره أنه صديق قريب أو ضيف كريم. وهناك فرق كبير بين عطاء المال و عطاء الروح ، وهذا أعظم عند الله وعند الفقير .
هو درس في التربية والأخلاق وحسن المعاملة ..دون انتقاص من شأن أحد مهما صغر عمله .. فكلنا بالفعل الإنساني سواء.