استضافتهم “جامعة الأمة” في ندوة حوارية وطاولةً مستديرةً.. كتّاب ومفكرون عرب لـ “الثورة”: المتغيرات الدولية تفرض على العرب تحديد موقعهم بما يتناسب مع مصالحهم
الثورة – دمشق – متابعة هلال عون:
بمشاركة عدد من الكتّاب والباحثين والمفكرين من سورية والوطن العربي، عقدت “جامعة الأمة العربية” مساء أمس الأربعاء، ندوةً حوارية عبر تطبيق زووم وطاولةً مستديرةً من مقرها بدمشق تحت عنوان: “سورية في موقعها.. التحولات الإقليمية والدولية”، وأدار الحوار أمين عام “جامعة الأمة العربية” الدكتورة هالة الأسعد، التي ركّزت في كلمتها على أن المقاومة هي التي تقود إلى النصر وتغيير المعادلات الدولية، وليس التطبيع، وأن المطبعين مآلهم الالتحاق بقاطرة التيار المنتصر، كما ركّزت على أهمية دور الاقتصاد في المرحلة القادمة، وفرص الاستثمار في سورية.
الباحث حطيط: تجذير الانتماء الوطني والقومي
صحيفة “الثورة” كانت حاضرة لتتابع الحوارات وتلتقي عدداً من الضيوف وتسجل أراءهم، حيث أكد الباحث العسكري والسياسي العميد الدكتور أمين حطيط، من لبنان، أن “جامعة الأمة العربية” التي حققت حضورها وأهدافها في تثبيت وتجذير الانتماء الوطني والقومي في المرحلة الأولى، تنتقل الآن إلى مرحلة جديدة من العمل في مرحلتها النضالية الثانية بعد تغير الظروف.
وبيّن أن المطلوب الآن هو المساهمة في معالجة ذيول الحرب من النواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فالوضع المعيشي للمواطنين بعد سنوات الحرب هو أولوية، لذلك يجب التركيز أيضاً على تشجيع النمو الاقتصادي والعلاقات البينية العربية، وتطوير العلاقات بين الحلفاء المنتصرين، لافتاً إلى أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي جاءت في هذا السياق.
الدكتور حسن: المقاومة الطريق الناجع مع عدونا
أما الباحث في الجيوبولتيك الدكتور حسن أحمد حسن فرأى في مداخلته وفي تصريح له لصحيفة “الثورة” أن المقاومة هي الطريقة الوحيدة الناجعة مع عدونا.
وتحدث عن أن ما يحدث من تغيرات في المواقف والسياسة الدولية لصالح حلف المقاومة هو نتيجة طبيعية لصمود سورية جيشاً وشعباً وقيادة، مشدداً على أن الثمار يجب أن تكون على قدر الصمود والانتصار.
وركّز الدكتور حسن أيضاً على الدور المهم لجامعة الأمة العربية في مجالات الثقافة والإعلام ونشر الوعي وتضميد الجراح بعد سنوات الحرب الطويلة، وكذلك في مجال الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وإعادة البناء في المرحلة القادمة.
الدكتور العكام: استعادة للوعي العربي
بدوره عضو مجلس الشعب الدكتور محمد خير العكام رأى أن المتابع لما يحدث اليوم يلحظ استعادة للوعي العربي، مؤكداً أن رؤى وخيارات محور المقاومة انتصرت على خيارات الغرب العدوانية، وأن النصر ليس لسورية وحدها، بل هو للمحور كاملاً.
الدكتور طعمة: الاهتمام يجب أن يكون بالمستقبل
من ناحيته الكاتب والباحث الدكتور نبيل طعمة شدّد على أن الاهتمام يجب أن يكون بالمستقبل لأن الماضي أصبح وراءنا، وأن الإعداد للمرحلة القادمة لاستكمال النصر والبناء عليه ليس سهلاً، فالصراع مستمر، و آلية الصراع القادم أيضاً ليست سهلة في ظل العولمة والنظام الليبرالي المتوحش.
الباحث سيد أحمد: التحولات تؤكد صوابية خيار سورية
أما الكاتب والباحث الدكتور رفعت سيد أحمد من مصر فقد حيا سورية وشعبها الصامد وأوضح أن التحولات الجديدة التي تجري في العالم تؤكد صوابية خيار سورية وحلف المقاومة، وفشل خيار التطبيع مبيناً أن سورية هي الراعية والحامية لخيار المقاومة منذ سبعينيات القرن الماضي ونحن نشهد على ذلك.
وتحدث عن أن الدور المطلوب في المرحلة القادمة سيكون مضاعفاً في المجال الثقافي والإعلامي والاجتماعي لمواصلة وتجديد خيار المقاومة، وتحويله إلى نهج وعقيدة في ظل وجود قوى الاحتلال والهيمنة، مبيناً أن الظروف الحالية أصبحت مهيأة أكثر من السابق لتلاقي المثففين، واقترح عقد مؤتمر في دمشق هذا العام لتقديم رؤى وأفكار ومقترحات تدعم الفكر المقاوم.
الدكتور الحارس: تصعيد المقاومة ضد الاحتلال في الجزيرة السورية
من جانبه الدكتور محمود الحارس من الأردن، رأى أن الحرب لم تنته، وأن العدو متربّص، مبيناً أن الصراع في الأساس ليس صراعاً ضد سورية فقط، بل هو صراع ضد نهج ممانع، وضد فكر استقلالي يستهدف أيضاً روسيا والصين.
وشدد على أن تغيرات جوهرية في المنطقة والعالم ستظهر بعد انتصار روسيا في أوكرانيا.
وأوضح الدكتور الحارس أن ما سمي بالربيع العربي الذي بدأ في تونس كان مخططاً له الوصول إلى سورية، بل تمت صناعته للوصول إلى سورية.
وشدد على أن المحور الغربي مستمر بعدوانيته ولن يعترف بفشله بسهولة، وأنه يعيد تهيئة وتدريب وتسليح التنظيمات الإرهابية، مثل داعش في الرقة وشرق الفرات ويوسع قاعدة عدوانه، لذلك يجب تصعيد مقاومة الاحتلال في تلك المنطقة خلال الفترة القادمة.
الدكتور أبو صالح: متفائلون بعودة سورية إلى الجامعة
أما الدكتور سمير أبو صالح فقال: طالما أن المرحلة الأولى لـ”جامعة الأمة العربية” حققت هدفها المرسوم وفقاً للمخطط له، واليوم ندخل مرحلة جديدة آملين أن نحقق خلالها ما يتناسب طرداً مع نصر سوريتنا، ما يعني أن المطلوب من الأعضاء كبير في المرحلة القادمة.
و رأى الدكتور أبو صالحة أن استهداف سورية كان استهدافاً لكل الأمة من البوابة السورية، لأن العدو يعتبر هذه البوابة هي بوابة الحرب والسلام.
وتساءل عما إذا أدرك الإخوة العرب أن هذا النصر السوري يُهدى إلى كل العرب، وحمى كل العرب؟ وأجاب بأنه متفائل بعودة الإخوة العرب إلى سورية العروبة لتبقى سورية بجيشها جيشاً للأمة كلها.
الإعلامي والكاتب القطيطي: على العرب تحديد موقعهم بما يتناسب مع مصالحهم
الإعلامي والكاتب العماني خميس القطيطي بدوره حيّا المقاومة في فلسطين وترحم على شهدائها، ودعا إلى العمل على توحيد الساحات، وإلى إنجاز ميثاق شرف توقّع عليه الفصائل الفلسطينية يضمن أن يكون الرد على أي عدوان إسرائيلي ضد أي فصيل فلسطيني رداً جماعياً ضد الكيان.
ورأى أن الانتصار السوري نتيجة طبيعية للصمود الأسطوري للشعب والجيش والقيادة السورية.
وتحدث عن أن الجيش العربي السوري هو جيش عقائدي، لذلك قدم التضحيات الجسام وانتصر في حرب اشتركت فيها ضده عشرات الدول، وصرفت فيها مئات المليارات دون أن يستطيع أعداؤه هزيمته، كما أرجع سبب انتصار الشعب السوري إلى مؤسسات الدولة القوية.
وشدد الكاتب القطيطي على ضرورة استثمار التقارب العربي الحالي وأن يدرك العرب جميعاً أهمية اللحظة التاريخية التي نتجت عن انتصار سورية، وصعود روسيا وإيران، وأن يحددوا موقعهم بما يتناسب مع مصالح شعوبهم.
رجل الأعمال الصناعي طيفور: تفعيل المقايضة السلعية بين الدول العربية بالعملات المحلية
رجل الأعمال الصناعي عاطف طيفور رأى أن المواجهات العسكرية تحكمها مواجهات اقتصادية، مبيناً أن ابتعاد، أو إبعاد سورية أضر بالمصالح العربية برمتها وتحدث عن ملف إعادة الإعمار الذي سينعكس على الاقتصاد السوري وعلى الاقتصاد العربي الذي سيستثمر في سورية بشكل إيجابي ويفتح الأبواب للمبادلات التجارية والاستثمارية البينية.
وتمنى طيفور أن يتم تفعيل الاقتصاد الحديث من خلال تفعيل المقايضة السلعية بين الدول العربية وكذلك تفعيل الدفع والتبادل بالعملات المحلية.
وأكد أن 40% من تكلفة إعادة الإعمار الهائلة ستكون بالليرة السورية، ما يعني أن الطلب على الليرة سيكون كبيراً، ونصح طيفور الدول العربية بعدم اللجوء إلى الاستدانة من البنوك، وخاصة البنك الدولي لتصحيح أوضاع اقتصادها لأن تلك الاستدانة ستكرس العبودية وتنهي القرار المستقل للدولة.
ثم استعرض حالة الاضطراب صعوداً وهبوطاً في العالم ورأى أننا أمام قوى متراجعة وقوى صاعدة وأن صمود سورية بشعبها وجيشها ورئيسها شكل الركيزة لاندحار القوى المعادية وصعود القوى الصديقة.
الأسير المحرر المقت: نحيي المقاومة الفلسطينية التي تتصدى للعدوان
الأسير المحرر البطل صدقي المقت حيّا المقاومة الفلسطينية التي تدك معاقل الاحتلال الآن وحيّا أصدقاء سورية، مبيناً أن الانتصار مرسوم بالدم السوري وملوّن بدماء الأصدقاء في روسيا وإيران.
وأضاف: لقد تحقق الانتصار، ونحن مقبلون على تداعيات الانتصار، مؤكداً أن الرئيس الأسد يصعد مع القوى الصاعدة التي انطلقت بالصعود، و بناء على الصمود السوري، ورأى أن الاتفاق السعودي – الإيراني سينعكس إيجاباً على المنطقة برمتها.
الدكتور معيزة: انتصار سورية هو للعرب جميعاً
الدكتور عيسى معيزة من الجزائر هنأ سورية والعرب بالانتصار التاريخي السوري على الإرهاب، وأعرب عن سعادته بانتهاء الحرب على سورية، وبانتصار الشعب السوري مؤكداً أن انتصار سورية هو للعرب جميعاً، ويجب على العرب جميعاً أن يقرؤوا التاريخ جيداً والحاضر ليرسموا مستقبلاً مناسباً لشعوبهم.
ودعا إلى التضامن العربي ودعم سورية اقتصادياً لمواجهة نتائج الحرب.
المفكر الدكتور هاني: سقوط سورية كان وهماً غربياً
المفكر الدكتور إدريس هاني من المغرب العربي قال إن النصر السوري الذي تحقق كان واضحاً ومرئياً بالنسبة لنا منذ عشر سنوات، حيث انتهت الآن الحرب العسكرية وبدأت الحلول السياسية.
ورأى أن التحالف السوري كان تحالفاً صادقاً وذكياً واستفادت منه سورية، لافتاً إلى أن الأعداء فوجئوا بأن المعادلة أصعب مما كانوا يفهمون و أكثر تعقيداً مما كانوا يظنون، وأيقنوا أن سقوط سورية كان وهماً لا أكثر.
الدكتور عياش: ظهور نظام مالي عالمي جديد
الدكتور فادي عياش المتخصص بالتخطيط الاستراتيجي قال إن المتغيرات على المستوى الدولي تهدف إلى تحقيق نسبة أعلى من الهيمنة على المصالح والحفاظ عليها وتنميتها لصالح الدول المتنافسة.
وأول ما بدأت المتغيرات كنا نجد أن هناك وباء كورونا تبعته أزمة أوكرانيا وتساءل عن الربط بين الأمرين؟ وأجاب: أجد أن الهدف الرئيسي مما يجري حالياً هو إيجاد نظام مالي عالمي جديد يحل محل النظام المالي العالمي الراهن، يهدف إلى زيادة الهيمنة على الرساميل العالمية وزيادة الضبط لحركة رؤوس الأموال.
وتوجيه رؤوس الأموال يهدف إلى إنشاء أو اعتماد نظام الدفع الالكتروني والعملات الوطنية الرقمية المشفرة، عوضاً عن وسائل الدفع الراهنة.. هناك الكثير من المتغيرات التي تؤدي إلى هذه النتيجة، ففي أزمة كورونا تم تعزيز مستوى الكساد العالمي فنشأت أزمة سلاسل الإمداد والتوريد، بالتالي نشأ كساد عالمي وارتفعت التكاليف بشكل كبير، وعزز من ذلك أزمة أوكرانيا التي أدت إلى زيادة التضخم على المستوى العالمي.
هذان العاملان أساسيان في عدم الاستقرار الذي أدى إلى التضخم واهتزاز النظام المالي العالمي الراهن، وبالتالي وجدنا هناك إفلاسات للعديد من البنوك، ونتج عن ذلك أيضاً مناداة العديد من الدول لأن يتم التبادل بالعملات المحلية غير الدولار، كل ذلك سيؤدي إلى ظهور نظام عالمي جديد غالباً سيعتمد على أنظمة الدفع الإلكترونية والعملات المشفرة .
من جانب آخر هناك إعادة لترتيب النفوذ وكان لسورية عبر التاريخ حيز سيادي تتحرك من خلاله تراعي فيه جملة المصالح الإقليمية والدولية، ولكن بما يحقق ويعزز المصلحة الوطنية.
ورأى د. عياش أن المتغيرات التي تجري الآن تعزز هذا التوجه فبعد حرب طويلة ظالمة وعقوبات اقتصادية شديدة استطاعت سورية أن تعيد ترتيب أوراقها بما يتناسب مع المتغيرات التي تجري على الساحة الدولية والإقليمية.
وأوضح أن سورية تتمتع بموقع جيوسياسي خاص، فهي ممر إجباري لمعظم التسويات ولمعظم المشاريع الاقتصادية الرائدة، وخصوصاً حوامل الطاقة وطرق العبور.. وهذا الأمر كان مفيدا لسورية في أوقات وضاراً لها في أوقات أخرى.
والمتغيرات الأخيرة توحي أننا نسير في الاتجاه الصحيح ورياح التغيير بدأت تنعكس بشكل إيجابي على الوضع السياسي في سورية، وهذا الوضع لابد أن ينعكس على الاقتصاد، ولكن ليس بشكل سريع وليس بشكل مباشر ولكن بداية التعافي تنطلق من هذا المنطلق .
الإعلامي عون:
وأخيراً طلبت أمين عام جامعة “الأمة العربية” الدكتور هالة الأسعد من مندوب صحيفة “الثورة” الإعلامي هلال عون أن يقدم كلمة يختتم بها الحوار فحيا الضيوف وشدد على أن تعطي الجامعة في المرحلة القادمة اهتماماً كبيراً بالشأن الاقتصادي، من خلال الندوات واللقاءات الحوارية، ومن خلال موقعها الإعلامي لتكون ليس فقط مواكبة لإعادة البناء، بل لتكون مؤثرة في تشجيع الاستثمار العربي في سورية مشيراً إلى أهمية الدور الثقافي والاجتماعي والإعلامي للجامعة في المرحلة القادمة لنشر الوعي، ولتجذير الانتماء الوطني والقومي من خلال الكلمة والموقف ومن خلال الممارسة المتميزة على أرض الواقع.
يذكر أن المهندس التقني للندوة هو نبراس خضور الذي بذل جهداً مضاعفاً من خلال تطبيق زووم لإيصال صوت المفكرين العرب لكل المتابعين، وشارك في الندوة الدكتورة صفية أنطون سعادة (ضيف شرف) والعميد د. أمين حطيط من لبنان، ومن سورية كل من د. هالة الأسعد وصدقي المقت ود. حسن أحمد حسن، و.د نبيل طعمة ود. سمير أبو صالح ود. فادي عياش والصناعي عاطف طيفور ود. محمد خير عكام والصحفي هلال عون، ومن مصر د. رفعت سيد أحمد، ومن الجزائر د. عيسى معيزة، ومن المغرب د. إدريس هاني ومن الأردن د. محمود الحارس والعميد ناجي الزعبي، ومن سلطنة عمان خميس القطيطي.