ثورة أون لاين-بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
هكذا يستكمل ثالوث التآمر أركانه من التحريض إلى التسليح فالإرهاب الذي لم ينجُ منه حتى المراقبون.
لم يكن بمقدور أحد تجاهل توقيت استهداف المراقبين ،
الذي يأتي غداة تقرير أنان إلى مجلس الأمن..وليس بمقدور أحد أن يغمض عينيه عن السيناريو الجديد الذي ينتظرهم بعد أن فشلت التلميحات والتصريحات الصادرة عن أدوات المؤامرة.
ورغم محاولة السيد كوفي أنان أن يمرر تقريره بين الألغام المزروعة، فإنه فشل في نيل رضا الأطراف الداعمة للمسلحين، بل لم يتردد بعضها على الأقل في تبطين مواقفه بتلميح واضح وتهديد صريح.
فعملية تجاهل الإرهابيين ودورهم والتغاضي عن أفعال المسلحين لم تنجح في انتزاع قبول تلك الأطراف بمهمته، وذهبت أبواقها إلى توجيه الاتهامات ذات اليمين والشمال، فيما كان بعضها يرسم لما هو بعد مهمة السيد أنان، والتمهيد للمرحلة التي تلي إفشالها.
هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه من التسريبات المتتالية عن الخطط المعدّة تارة في البنتاغون، وتارة لدى حلفاء واشنطن في المنطقة، وثالثة في المناورات العسكرية في الأردن التي تتم بمشاركة 17 دولة.. القاسم المشترك بينها مناصبة العداء لسورية والمشاركة في استهدافها، وانزلاق بعضها إلى التورط مباشرة في نسج علاقة واضحة الأبعاد مع الإرهابيين المسلحين.
هذا في وقت تتوالى فيه فصول الفضيحة التي تنطوي عليها سفينة الأسلحة «لطف الله 2» وهي تميط اللثام عن أدوار ومسؤوليات لا تقتصر على مهمة تهريب الأسلحة وتسهيل مرورها، وإنما أيضاً في الإعداد والتمويل والحماية وصولاً إلى تأمين الدعم السياسي والإعلامي لها، حيث تغيب عن لائحة الأولويات السياسية ولا تحضر في قائمة الاهتمام الإعلامي لقنوات التحريض والفتنة.
على هذا المستوى لابد من الدفع بالنقاش نحو رؤية جديدة لتفعيل المسؤولية الملقاة على المنظمة الدولية إذا ما كانت تريد لهذه المهمة أن تنجح، إذ الأمر لا يقتصر على المطالبة بتسهيلات على الأرض، بل هو في جوهره ينطلق من تأمين عوامل النجاح على المستوى السياسي الذي يواجه معضلة التعارض في النظرة إلى هذه المهمة، انطلاقاً من الاعتبارات السياسية التي تحكم موقف الدول الغربية، والتي أرادت لها أن تكون أداة إدانة ليس أكثر.
وحين بدت مستويات الاستجابة فيها متواضعة، أو غير قادرة على تحقيق المراد منها لجأت إلى تفخيخ المهمة عبر اشارات وخطوات ترجمتها الردود المباشرة ومواقف أميركا ومندوبتها التي أعدت كلمتها قبل الاستماع إلى التقرير، حين أرادت أن تحمّله أكثر بكثير مما يحتمل وأن تورد فيه ما هو غير موجود، وأن تقرره بما لا يستطيع الإقرار به.
لذلك فإن هذا الاستهداف لا يمكن لأحد أن يخرجه من سياقه سواء في الطريقة أم التوقيت.. وفي تعليق رئيس فريق المراقبين على الحادثة، المختصر والمكثف، إماطة للثام عمّا تبقى حين تحدث عن أن العنف مستمر على المراقبين والإعلام وقوات حفظ النظام!!
قد لا يكون كافياً، لكن في الكثير من جزئياته يبدو انعكاساً واقعياً لسلسلة من التطورات التي تتلاحق تباعاً، والتي تدفع باتجاه فهم أوسع وأدق لا يقتصر على الجزئيات هنا، وإنما أيضاً يطول العناوين التي تكتب اليوم في المانشيتات كما هي في المواقف..
المعضلة القائمة لا يمكن تجزئتها ولا يمكن تقطيعها وفق الذريعة التي يُراد لها أن تضاء دون سواها، والأزمة التي يشكل تهريب الأسلحة أخطر أوجهها نستطيع أن نجزم أنها تتلاقى في الثالوث ذاته تحريض وتسليح ويستكمل بالإرهاب ليطول المراقبين.
قد يكون الحديث عن المسؤولية في هذا الزمن ضرب من المجازفة لكن إذا كان مجلس الأمن حريصاً على مهمة مبعوثه فعليه أولاً أن يجفف المستنقعات التي ينبت فيها الإرهاب وانتزاع الأفخاخ التي يزرعها حماة المسلحين ودعاة التسليح، وأهمها وقف تهريب السلاح وملاحقة المسؤولين عنه دولاً وقوى وأطرافاً سواء في التسهيل أم التمويل أم بالتحريض ناهيك عن التصويب المباشر على المراقبين.
-k-67@maktoob.com