على كل الصُعُد عادت سورية إلى موقعها الطبيعي في الصف الأول عربياً، فالبلاد التي عانت الإرهاب والنكران طوال عقد وما يزيد على سنتين من الزمان، ودفعت الكثير الكثير من دماء أبنائها وصحتهم واستقرارهم ومن مواردها وثرواتها وأمنها، لم تتراجع أو تَهِن، بل كانت حاضرة بقوة في القمة العربية المنعقدة بجدة السعودية والتي كانت بحق قمة سورية.
الآن بدأت عوامل الانفراج بالتشكل، ولا بد من الاستعداد لها، والحديث هنا ليس على مستوى الدولة بل على المستوى الحكومي وما يجب القيام به استعداداً للانفتاح الاقتصادي المتوقع.
فالانفتاح الاقتصادي المرتقب يعني فتح باب التصدير مجدداً وعلى أوسع نطاق ممكن كما يعني حكماً قرب قدوم الاستثمارات ورؤوس الأموال العربية والأجنبية باحتمال قوي، ناهيك عن الترانزيت واستثمار الأجواء كما كان الحال، والبناء والعمران والتبادل التجاري ونواحٍ أخرى سواها، ما يعني ضرورة الارتقاء بأوجه كل ما هو قائم حالياً من آليات ونُظُم، فالتصدير يعني وجوب مراقبة الجودة بمعايير صارمة لأن العودة إلى الأسواق الدولية تعني منافسة قوية أمام سلعنا لا يمكن دخول معتركها دون جودة، والعمران يتطلب مخططات جديدة أو تحديث القائم منها لمدن وبلدات البلاد.
أما التبادل التجاري فهو الفيصل في كل ما سبق كونه يؤمن سيولة ضخمة للبلاد، الأمر الذي يتطلب قواعد قانونية مُحدّثة ومتابعة دقيقة له، حتى لا تكون صفقة جشعة من تاجر أو رجل أعمال جشع سبباً في تشويه الصورة التي نعيد رسمها لسورية ما بعد الحرب، في وقت لم يقصّر فيه الجشع في استبعاد البضائع السورية وسمعتها من التبادلات العالمية حتى تلك غير الظاهرة تجنباً للعقوبات.
كلها أفكار وآمال تدور بين الأفراد والقطّاعات بانتظار ما سيكون في القريب القادم إلينا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحديث الدائم عن تحسين مستوى المعيشة ورفع المقدرة الشرائية للمواطن هو حديث لصيق بكل ما له بالانفراجات المرتقبة، ما يعني وبعبارة أخرى أنها مسائل من المفيد تطمين المواطن بشأنها وتقديم ولو “دفعة حسن نية” له في أي جانب من جوانب حياته.
إلى حين ذلك فلندع أنفسنا نستمتع بما جنيناه من نجاح كلل صبرنا وصمودنا طوال اثني عشر عاماً من المواجهة فداء لسورية.
السابق