في ذكرى رحيله هل فقد سارتر وهجه الفكري ؟

الثورة – ديب علي حسن:
مرّت ذكرى رحيل جان بول سارتر بصمت يكاد يكون مطبقاً حيث رحل عام ١٩٨٠ في نيسان .
ومن المعروف أن سارتر صبغ نصف القرن العشرين بهويته الفكرية الوجودية منذ منتصف الخمسينات إلى أن رحل وكانت آراؤه الفكرية تنتشر بسرعة لاسيما حول الحرية والالتزام الأدبي.
وترك ميراثاً مهماً في الفلسفة والفكر مع حبيبته سيمون دي بوفوار التي لازمته إلى ما قبيل رحيله حيث حصل الصدع العاطفي بينهما بعد أن انغمس سارتر في ملاحقة الفتيات الصغيرات اللواتي سلطهن عليه مدير أعماله الصهيوني وجعله يتراجع عن مواقفه المؤيدة للقضايا العربية .
وكان الراحل إدوارد سعيد أشار إلى ذلك في مذكراته التي نشرت تحت عنوان : خارج المكان .

ويجب الإشارة إلى أن سارتر كان قد قام بجولة إلى الأراضي العربية المحتلة وبعدها إلى مصر .
وهنا انتبهت الحركة الصهيونية إلى ضرورة شدّه إلى مواقفها وسلّطت عليه مدير مكتبه اليهودي الذي تحدثت عنه أيضاً بوفوار في كتابها ( مراسم الوداع ).
في الوطن العربي تلقف المفكرون العرب فكره لاسيما في تعريف وتحديد مفهوم المثقف وهذا ما تحدث عنه في محاضراته التي ألقاها في عواصم عالمية متعددة منها طوكيو وجمعت في كتاب تحت عنوان : دفاع عن المثقفين .
ومن اللافت أن سارتر قد ضيع ميراثه في سنواته الأخيرة..
وفي سيرة حياته يشير الكتاب إلى أنه:
(تميّزَ بالنبوغ والنهم المعرفي، وعندما سألتهُ أمه وهو كان طفلاً ماذا يعملُ عندما يكبرُ وهو يقرأ بسن صغيرة مؤلفات الأدباء الكبار، أجاب قائلاً: سوف أعيشها بالطبع لم ينفصل الحس المعرفي لدى سارتر عن حيثيّات الواقع كما لا توجدُ ثغرة بين شخصيته وأفكاره «حياتي وفلسفتي شيء واحد». وكان يختلف عن زملائه بعفويته إذ يدخن الغليون ويلبس سترة من دون ربطة العنق ويناقش طلبته بشأن فلسفة كانط وقراءة الروايات البوليسية ولعبة الطاولة ما يعني أنَّ مؤلف «الدوامة» قد انخرطَ في غمار الحياة بكل ما فيها من الأمل واليأس والإحباط والإغراء، ولم يركن إلى رتابة التنظير، وأدرك بأنَّ المفاهيم المُجردة لا تعوّض عن متعة المغامرة يرى آلان دوبوتون أنَّ جوهر فلسفة سارتر يقومُ على إدراك الوجود كما هو …مجرّداً من أي أفكار مسبقة وافتراضات مُطمئنة دأبَ جان بول سارتر على صياغة نظريات جديدة وما انفكَ يُفاجئ أصدقاءه بحيويته في المبارزة الفكرية وكان مغرماً بمُنازلة من يخاصمه والوقوف بجانب مَن طالَه الإقصاء وهو دعمَ الطلبة الراديكاليين في ستينات القرن العشرين، لكن أخبر ويليام بوروز بأنَّه سينقلبُ عليهم إذا انتصروا.
هذه الوصفة التي تجمعُ بين الفكر والحياة هي ما راهنَ عليها سارتر ولم يستسغْ دور المشاهد من البرج العاجي وبذلك مثلَّ بمواقفه نموذجاً للمثقف الذي اندمج في تيار الواقع ولم يقبع وراء أسوار الأكاديميات، وفتحَ صفحات مجلته «الأزمنة الحديثة» بوجه أشكال جديدة من الكتابات الفُكاهية والسيَر الذاتية للمهمشين والأسماء الواعدة، وبهذا حطّم ما سُمّي بالأدب الجاد، وأصدر كتاباً عن بودلير، فضلاً عن دراسته الكبيرة عن فلوبير. كما يستحيل تجاهل مواقفه حيال التطورات والتحولات السياسية التي حفل بها القرن الماضي بدءاً باحتلال ألمانيا لفرنسا، ومن ثُم احتضار المرحلة الاستعمارية، وما تصاعَد في ظل أجواء الحرب الباردة من الصراعات المُحتدمة على مُختلف الصعد، مروراً بثورة الطلاب في 1968 وانقلاب الجيل الجديد دعاة «مَنع المنع» على كل المعتقدات والالتزامات الأيديولوجية وصولاً إلى استنكاره للمشروع الاستعماري، إذ اعتبره عاراً للحضارة الغربية واستِهانة بالقوانين).
نعم انقلب سارتر بل أجبرعلى الانقلاب على هذا الإنجاز الفكري الذي كان هوية تميزه عن غيره من المفكرين والفلاسفة الغربيين .
أنجز الكثير الكثير ..لكنه في حمأة الملذات التي انغمس بها عن طريق سكرتيره الصهيوني فقد مكانته حتى عند بوفوار التي رافقته في معظم محطّاته الفكرية.

آخر الأخبار
معسكرات تدريبية مجانية للنشر العلمي الخارجي بجامعة دمشق "كايزن".. نحو تحسين مستمر في بيئة العمل السورية نحو اقتصاد سوري جديد.. رؤية عملية للنهوض من بوابة الانفتاح والاستثمار بناء اقتصاد قوي يتطلب جهداً جم... اليابان تدرس.. ونائب أمريكي: يجب تعزيز التحالف مع سوريا استطلاع (الثورة) للشارع السوري في فرنسا حول رفع العقوبات مسابقة الخطلاء للشعر النبطي تخصص لسورية صيدلية مناوبة واحدة في مدينة طرطوس والنقابة توضح حذف الأصفار من العملة.. ضرورة أم مخاطرة؟! تأخر في استلام أسطوانة الغاز بدرعا مرسوم رئاسي بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية نقل مواقف الباصات لجسر الوزان .. بين الحل المروري والعبء الاقتصادي مرسوم رئاسي بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين قوافل حجاج بيت الله الحرام تبدأ الانطلاق من مطار دمشق الدولي إلى جدة مرسوم رئاسي حول الهيئة العامة للتخطيط والتعاون الدولي "السورية للمخابز": تخصيص منافذ بيع للنساء وكبار السن  د. حيدر لـ"الثورة": زيادة "النقد" مرتبط بدوران عجلة الاقتصاد  وفد صناعي أردني  و٢٥ شركة في معرض "بيلدكس" وتفاؤل بحركة التجارة نوافذ التفاؤل بأيدينا...    د .البيطار لـ"الثورة": الدولة ضمانة الجميع وبوابة النهوض بالمجتمع  "الاختلاف" ثقافة إيجابية.. لماذا يتحول إلى قطيعة وعداء؟ الأمم المتحدة تكرر رفضها لخطة المساعدات الإسرائيلية الأمريكية لغزة