الروائي المسرحي ضاهر عيطة لـ “الثورة”: أقاوم بالكتابة.. التيه والغياب والفقد لأصنع عالماً بديلاً

الثورة – أحمد صلال – باريس:

ولد الكاتب والروائي والمسرحي السوري ضاهر عيطة، في مدينة دمشق العام 1966، وهو يقيم حالياً في ألمانيا، كان معتقلاً سابقاً في سجون النظام المخلوع، إذ أوقفته أجهزة الأمن في تشرين الثاني/ نوفمبر بدمشق، لمواقفه المنتقدة للنظام البائد.

أصدر في العام 2010 روايته الأولى “لحظة العشق الأخيرة” عن دار نينوى، دمشق.. كما صدرت له رواية “ملاذ العتمة”عن دار موازييك، قام بإعداد وإخراج أول عمل مسرحي عام 1995، عن نص “صفحات من القضية” للكاتب الألماني كيب هارت، وتم عرضه على خشبة مسرح القباني بدمشق، كما أعدّ وأخرج مسرحيات عدّة، من أبرزها “نزوة عاشق” للكاتب الألماني يوهان غوته.

صحيفة الثورة كان لها الحوار التالي مع الروائي والناقد والمسرحي السوري ضاهر عيطة:

– دمشق الآن حرة، ما الذي تغير بين الأمس واليوم؟

إن كان هذا عنواناً لسؤال عن الحدث السوري في السياق الزمني، فربما باستطاعتي أن أجيب أنه لم يتغيّر شيء، معظم المقدمات كانت تشير إلى ما سنصير إليه، ومنها الثورة على العصابات الأسدية، لكن من حيث التفاصيل، فقد تغيّر كل شيء.. كان هناك عشرات الآلاف من الأمهات المكلومات، وملايين من الجرحى والمشرّدين والمهجّرين.. لم يكن يُسمع لهم صوت، أما الآن فقد بدؤوا يخرجون من حفرة الجحيم، وسيعلنون عن وجودهم يوماً بعد يوم، ليس فقط بوصفهم ضحايا وأبناء تجارب مريرة، إنما بوصفهم أبناء ثورة عظيمة انتصرت، وهي تحتاج منهم أن يشدّوا عزائمهم للمضيّ في بناء الدولة، مقابل مجاميع من فلول الأسد الكارهين، والحانقين على هذا النصر، وهم يحاولون استغلال أي مناسبة للمتاجرة بأرواح ومستقبل السوريين، وقد تكاثروا على نحوٍ فيروسيٍّ مريب، وجلّهم لا يريدون لهذا المسار الوطني أن يستمر.

لكنني أظن أن الملايين من السوريين الأنقياء عازمون على السير في هذا الطريق، مهما كلّف الأمر، ولاسيّما أن التجارب علّمتهم الكثير من الخبرات والمهارات، وكذلك طوّرت لديهم مهارة الفطنة والذكاء، ليميّزوا بين العدو والصديق، وبين الكاره والمحب، وبين من يستغلّ الحرية لمصلحة ضيّقة وشخصية، وبين من يستفيد منها لبناء دولة ووطن لكل السوريين، وسيقول المسرح والأدب والفن عن كل ذلك الشيء الكثير.

– الروايات التي تناولت المآسي السورية، ليست بالقليلة، لا من حيث الكم، بل هناك العديد من الكاتبات والكتاب الشباب لم نكن نسمع بهم من قبل، نهضوا فجأة، وربما في غفوة عنا، وراحوا يشتغلون في حقل الأدب الروائي، كحالهم في معظم الحقول الفكرية والعلمية، حدثني عن هذا النهوض بالتفصيل؟

أعود إلى الأسدية البائدة طالما نتحدث في الشأن السوري، ما ظهر من الروائيات والروائيين السوريين حتى الآن، معظمهم يروون من أثر معايشتهم للحقبة الأسدية البائدة، ولم يظهر بعد الكمّ الأعظم من الذين سوف يتحدثون ويروون ما أسفرت عنه تلك الحقبة من نتائج مريبة ورهيبة.

أظن أن الحديث عنها سيستمر ربما لملايين السنين، وهو اشتياق السوريين للحديث عن أنفسهم، وما حلّ وتبدّل فيهم، وهو كثير، كثير.. فقد وجدوا فرصة سانحة حين أضحوا آمنين في بلدان اللجوء، لذلك نهضوا مثل هذا النهوض من حالة الرعب والقمع، إلى حالة الأمن والحرية، وقول ما يريدون.

– إن أهم ما يميز رواية “ملاذ العتمة”، هي تلك الحيرة التي نجد أنفسنا غارقين فيها منذ بداية الرواية حتى نهايتها، هل هذا راجع لكفاءة الرواية أو أنها قادمة من طرق أخرى؟

أنا في أعماقي كائن حائر، ولا ننسى أن كل ما يحيط بنا يكاد يضعنا في حيرة كبيرة، وربما نكاد نكون، في حالتنا السورية، من أكثر أبناء الأرض حيرة وتساؤلاً، ولذلك لدينا لكل سؤال ألف ألف جواب، لكننا كثيراً ما نسأل لنجيب فقط، لا لنستفيد.

بالعموم فالحيرة في أساسها هي من تولّد السؤال، وربما تكون روايتي غير مفيدة في أجوبتها، أو أنها جاءت محيّرة كما وصفتها أنت.. ولا أعرف بعدُ إن كانت الحيرة فيها راجعة إلى كفاءتها، أم إلى إخفاقٍ فيها.

– التيه والغياب والفقدان هي مباضع الألم التي تنخر جنبات القارئ لنتاج ضاهر عيطة، هل السودواية ناتجة عن الواقع الأسوأ؟

بالمعنى الضيّق والمباشر، بالتأكيد هي نتاج واقع سيّء، ولا بد أن تشكّل مصدراً مقتاً للقارئ لها، وربما هي استياء مما جاء فيها، ولكن بالمعنى الأوسع، فهذا أمر عظيم، وهو دليل على أن القارئ بدوره يكتب روايته المخالفة لما جاء فيها، ضمن سطور حياته اليومية، فالكتابة في التيه، والغياب، والفقد، وغيرها من هذه العناوين، ليس الغرض منها الإبحار فيها، بل مقاومتها وتخطيها، كمحاولة لصنع عالم بديل.

أعتقد أن من هذه الرغبة تكاد تنتج معظم الأعمال الإبداعية، تلك التي تولد مما هو ناقص، ومما هو غير موجود، ومما يتمنى الروائي أو غيره أن تكون عليه الأمور.

– ارتكز الخطاب الروائي في “ملاذ العتمة” على ثلاث ثيمات أساسية هي: الحرب والحب والوطن، تتداخل هذه الثيمات فيما بينها، وتبرز من خلال علاقة الشخصيات التي تشكل أحداث الرواية؛ حدثني عن الحرب والحب والوطن؟

الحب هو كينونة أساسية من الوطن، والحرب تمتص هذه الكينونة منه، فيستحيل إلى خراب، ولا يعود وطناً، يصبح سجناً، كابوساً، جحيماً، من هنا، فإن الحب يفرض وجوده فرضاً في جميع سياقات الحياة، وفي جميع الثيمات.

وحتى حين يغوص الحب في الشقاء، ويتمرّغ في الوحل، فهو لا يقصد أن يعلنها حرباً إنما يقصد أن يعيد رسم قصة حب جديدة على هذه الأرض، يا لهذا الإصرار العظيم على الاستمرار والبقاء.

– لكن هل يصمد الحب في زمن الحرب؟

ما كانت هناك حربٌ لو لم يكن هناك حب، الحروب في معظمها احترابٌ لأجل الظفر بما نحب، لكن، هناك فرقٌ بين حبٍّ وحب: حبٌّ نرجسيٌّ أعمى مريض، وحبٌّ رحبٌ منفتحٌ رغيد.. وهو، دائماً في آخر المطاف، من أن يدعو المتخاصمين إلى إيقاف الحرب، ولولا الحب، لما توقّفت الحرب لحظة واحدة.

– تتغير ملامح مدينة دمشق، تحتل الدبابات والقوافل العسكرية والأسلاك الشائكة شوارعها، وتدق ساعة الحرب لتحد من انتشار الناس بالشوارع؛ كيف جسدت دمشق في زمن المآسي السورية؟

لا أظن أنني كنت أشتغل على تجسيد دمشق كفضاء مكاني في كتاباتي، وإن اقتربتُ منها بعض الشيء، إنما كنت أحاول أن أستعير منها ما حلّ بذاكرتي من أوجاع وآلام موجعة في سجن كبير كان اسمه دمشق.

– أنت معتقل سابق في سجون النظام السوري، إذ أوقفتك أجهزة الأمن في تشرين الثاني/ نوفمبر بدمشق، لمواقفك المنتقدة للنظام المخلوع.. حبذا لو غصنا بتفاصيل هذه التجربة القاسية؟..

هي ليست تجربة قاسية وحسب، إنما هي تجربة تكاد تكون متخيلة وملعونة.

آخر الأخبار
اللجنة العليا للانتخابات: إغلاق باب الترشح وإعلان الأسماء الأولية قريباً الرئيس الشرع يستقبل الأدميرال تشارلز برادلي كوبر قائد القيادة المركزية الأمريكية دخول 31 شاحنة مساعدات إنسانية أردنية قطرية عبر مركز نصيب ترحيل القمامة والركام من شوارع طفس "التربية والتعليم": قبول شرطي للعائدين من الخارج وزيرة الشؤون الاجتماعية: مذكرة التفاهم مع الحبتور تستهدف ذوي الإعاقة وإصابات الحرب مهرجان «صنع في سوريا» في الزبداني… منصة لدعم المنتج المحلي وتخفيف الأعباء المعيشية خطوات صغيرة وأثر كبير.. أطفال المزة  ينشرون ثقافة النظافة محافظ حماة يفتتح "المضافة العربية" لتعزيز التواصل مع شيوخ القبائل   " التعاون الخليجي" يجدد إدانته للعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية  البرلمان الأوروبي يدين  منع "إسرائيل " المساعدات عن غزة ويدعو لفتح المعابر  تفاقم أزمة المواصلات في ريف القرداحة  منحة نفطية سعودية لسوريا… خطوة لتعزيز الاقتصاد والعلاقات الثنائية  انطلاقة جديدة لاتحاد المبارزة  نتائج جيدة لطاولتنا عربياً  اتحاد الطائرة يستكمل منافسات الدوري التصنيفي الذكاء الاصطناعي يصدم ريال مدريد وبرشلونة مفاجأة ألكاراز.. تسريحة شعر خارجة عن المألوف الريال يواصل الغياب عن حفل (الكرة الذهبية) "عبد المولى" ينهي مهمته كمنسق أممي في سوريا حاملاً الأمل والتقدير للسوريين