منذ فجر التاريخ، كانت سوريا مهداً للحضارات، ومركزاً للعطاء الإنساني والثقافي، أرضها التي كانت دوماً منبعاً للخير، لم تبخل يوماً بحصادها على الأشقاء، فامتدت يدها بالعون لكل صديق أو جار أو محتاج، في موقف جسّد عمق إنسانيتها وتجذر قيمها الأصيلة.
ورغم ما مرّت به البلاد من جراح وتحديات، ما زالت سوريا تثبت للعالم أنها القلب النابض في جسد هذا الشرق، بل والعالم بأسره، فاليوم نعبر محنة نعرف أنها ستكون عابرة، قد تترك آثاراً تحتاج وقتاً لمحوها، ولكن هذا سيكون بهمة أبناء سوريا كلها.
بكل اقتدار، أدارت الدولة السورية المرحلة، ووقفت شامخة في وجه كل من حاول النيل من سيادتها، فلم تساوم على الحق، ولم تهن أمام العقوق، بل تمسّكت بمبادئها، وفي هذا الصبر حكمة، وفي هذا السمو عزةٌ لا يعرفها إلا الأصيلون.
لقد أثبتت سوريا في أحلك الظروف أنها تفرّق بين من أحب ترابها ومن اختار الارتهان للعدو الخارجي، فهؤلاء أصوات نشاز، وضجيج مزامير متهالكة، ستخبو قريباً كما تخبو نيران الهشيم أمام فجر الحقيقة، وها هي سوريا تُمسك بدفّة الأحداث، قادرة على الحسم، ولكنها تؤثر الحكمة على الغضب، والصبر على الانفعال.
نثق أن ثمة أملاً يكبر على الرغم من كل الجراح، نحن السوريين نكبر معاً ونمضي معاً في وطن الكرامة وسيبقى كذلك.. هذه هي سوريا التي لا تنكسر، بل تُعيد تعريف النصر، كلّما ظنّ الآخرون أنها اقتربت من النهاية.