تبدأ الدولة خطواتها نحو إعادة البناء، وتظهر مقاومة التغيير كأحد أبرز التحديات المجتمعية، والرفض هنا ليس للتقدّم، بل انعكاس لمخاوف متراكمة من فقدان الاستقرارأو الحقوق المكتسبة.
فعندما تعدل الحكومة تشريعاً يتعلق بملكية الأراضي، أو تُعيد تنظيم آليات الإنفاق العام، أو تقر تغييرات في السياسات الاقتصادية، يشعر المواطنون بالقلق من آثار هذه التحولات على حياتهم اليومية، وغالباً ما تنبع المقاومة من غياب التوضيح، أو من سرعة التنفيذ، أو من انعدام المشاركة المجتمعية في صياغة القرار،لذلك، لا يمكن التعامل مع مقاومة التغيير كعائق يجب تجاوزه، بل كإشارة تستوجب الإصغاء.
فالتغيير البناء لا يفرض دفعة واحدة، بل ينفذ على مراحل مدروسة، تبدأ بالتشخيص الواقعي، ثم التهيئة المجتمعية، يليها التطبيق التجريبي، وأخيراً التعميم.
وخلال هذه المراحل، يصبح من الضروري أن يُشرح كلّ تغيير بأسلوب علمي ومنطقي، مدعوماً بالأرقام والبيانات، لا بالشعارات، فحين يطرح تعديل قانوني يمس حياة الناس، مثل إعادة تنظيم الضرائب أو تحديث قوانين العمل، أو رفع أي رسوم أو ضراىب يجب أن يقدّم بلغة واضحة، مع توضيح الأثر المالي المتوقع، وعدد المستفيدين، ونسب التغيير، والجدول الزمني، حتى يشعر المواطن أنه شريك في الفهم، لا مجرد متلقٍ للقرارات.
في التعامل مع مقاومة التغيير، لا تكفي النيات الحسنة، بل تحتاج أدوات مؤسسية تُشرك المجتمع في صياغة التحول، الإعلام الشفاف، والتعليم التوعوي، والرقابة المستقلة، كلها عناصر تقلل من الفجوة بين الدولة والمواطن.
والمطلوب هنا ليس إقناع الجميع، بل بناء مناخ يتيح التفاعل، ويمنح الوقت الكافي لفهم التغيير واستيعابه.
فالدولة التي تراكم الثقة وتراعي الإيقاع الاجتماعي، هي القادرة على تحويل المقاومة إلى مشاركة، والقلق إلى طاقة دفع نحو المستقبل.