الانتماء.. لا تغيّره الحريات المكبوتة.. لماذا يعود المؤثرون الآن؟

الثورة – رنا بدري سلوم:

“نحن السوريين، وإن تركنا آمالنا معلقة، تبقى جذورنا السورية، بل العربية، في عمق مبادئنا التي تربينا عليها.

وفي كل يوم، يثبت السوريون أننا لم نقطع الحبل السري بين بلدنا الأم سوريا، مهما أغرانا الغرب برفاهية العيش ورغد الحياة. هناك ضوابط أخلاقية لا يمكن التخلي عنها أو المساومة عليها.

بهذه العبارات، وصف العديد من المتأثرين “بالصدام القيمي” الذي عبرت عنه المؤثرة الدنماركية ذات الأصول السورية، سلمى ندّاف، وهو ما كان بمثابة مفترق طرق في حياتها.

هذا الصدام جعلها تختار العودة إلى وطنها الأم بعد هروبها من الحرب الشعواء عام 2014، على الرغم من محاولتها بناء حياة جديدة في الدنمارك، بلد الحريات.

نقل الثقافة السورية

“الكثير من الشباب السوري نقلوا المطبخ السوري إلى معظم دول العالم، تزينوا بالتراث والفن والموسيقا والمسرح واللغة والتكنولوجيا، فأبدعوا كسوريين، كانت الحرب تدخل في مسامات جلدهم أينما حلوا وارتحلوا ومع ذلك لم تفقد هويتها السورية، مندمجين مع اللغات الأجنبية، لكنهم في الوقت نفسه متمسكون بعادات وتقاليد لا يمكن الاستغناء عنها.

فلا يمكن للهوية السورية أن تذوب في الغربة، وهذا ليس مجرد عنوان عريض، بل واقع معيش يعكسه الفيديو الذي صورته ندّاف لمتابعيها، ومدى التفاعل معه والتأثر به” هذا جل ما عبرت عنه النداف في ظهورها الأخير.

حارسة القيم

مدربة التنمية البشرية ومشرفة الدعم النفسي في مركز “عصافير الحرية”، نور نزها، أوضحت أن ندّاف ستتعرض لانتقادات محورها صعوبة الحياة الاقتصادية في سوريا مقارنة بالدانمارك، ولكن الأهم والأولى بالنسبة لها كأم، تنشئة الأطفال في مجتمع سليم وصحي، لا ينظر إلى الحريات كما يراها الغرب، وهو ما ترفضه الدول العربية والإسلامية.

وأشارت نزها إلى أن رفع أعلام “الفخر” (Pride) في مدارس أطفال ندّاف كان النقطة الفاصلة التي دفعتها إلى اتخاذ قرار العودة، رافضة تقبل أن ينشأ أطفالها في مكان تُفرض فيه أفكار الهوية الجندرية والتوجهات الجنسية داخل المدارس، على الرغم من الإيجابيات التي تعزز تقبل الآخر بغض النظر عن الدين أو الاختلاف، وترسخ معنى التسامح.

لكنها أكدت أن العودة إلى وطنها كانت ضرورية من أجل مستقبل أطفالها وهو ما أكدت عليه النداف في ظهورها.

وترى نزها أن قرار ندّاف كان شجاعاً رغم الانتقادات التي أُطلقت ضدها، والتي حاولت تغذيته بعناوين عريضة تشير إلى أن الموقف “انعزالي ويغذي الانقسام الثقافي”.

بالمقابل، تم وصف نداف بأنها “حارسة القيم”.

مفارقة دراميّة

هناك مفارقة درامية بين فكرتين أساسيتين، الأولى تشجع على عودة اللاجئين، رغم أن الدانمارك من أصعب الدول على اللاجئين رغم رفاهيتها.

ومع ذلك، كانت لندّاف خطوة العودة، حيث اختارت الحفاظ على عادات وتقاليد سورية تربت عليها ولم تغيرها صعوبات الهجرة واللجوء.

تقول نزها: “ليس من السهل أن تحافظ سلمى ندّاف على الهوية الثقافية، إن جاز التعبير، رغم ما واجهته بعد عقد ونصف من النزوح واللجوء والغربة حالها حال الكثير من السوريين، وهذا ما جعل قصتها مثالاً يحتذى به، خاصة أن سوريا الجديدة فتحت الأفق للكثيرين للعودة دون قيد أو شرط، فلا الخدمة العسكرية الإلزامية التي كانت تفرض على الشباب الهروب، وهي كانت السبب الرئيسي لفرار الشباب إلى الشتات السوري، والفكرة الثانية التشبث بالغرب والانسلاخ عن الهوية العربية والتمتع بكل الحريات دون ضوابط تذكر وهو ما لا يتقبله معظم المجتمع السوري”.

والدليل على ذلك انتشار الفيديو، الذي تابعه أكثر من ثلاثة ملايين متابع، وكثرت بعد عرضه الحملات على التيك توك تشجيعاً للسوريين في أوروبا على العودة إلى سوريا الأم.

سوريا التي خرجت من تحت الرماد، تهدمت حجارتها، لكن إنسانها ظل محافظاً على جوهر كرامته وأخلاقه وعاداته وتقاليده، وسلمى نداف واحدة من الكثيرات اللواتي يشكلن عمق هذا الانتماء وتجذر الهوية السورية ليس في العقل والقلب وحسب بل في الموقف أيضاً.

آخر الأخبار
وفد  "كوفيكس" الصينية يبحث سبل التعاون مع غرفة تجارة وصناعة درعا استراتيجيات القطاعات الاقتصادية في عهدة هيئة التخطيط والإحصاء  خبير قانوني : الاعتداءات الإسرائيلية خرق للقانون الدولي المهارة تنمي شخصية الأطفال وترتقي بهم  في تطورات تعرفة الكهرباء.. مقترحات لجمعية حماية المستهلك تراعي القدرة الشرائية ما أسباب التحول الخطير في النظام النووي الدولي؟ اعتراف سوريا بـ كوسوفو... بين الرد الصربي وحق تقرير المصير الشتاء أفضل من أي وقت آخر لمعالجة الأشجار المثمرة الشيباني: الشرع يزور واشنطن وسوريا ماضية بخطا واثقة نحو ترسيخ الاستقرار تلميحات أميركية لاتفاق نووي سلمي سعودي-أميركي بلاغات الاختطاف في سوريا.. الواقع يدحض الشائعات "الداخلية" تستعرض ما توصلت إليه لجنة التحقيق عن حالات خطف في الساحل "الزراعة" تزرع الأمل.. مشروع الغراس المثمرة يدعم التنمية الريفية "دير الزور 2040" خطة طموحة لتنمية المحافظة وتحقيق الاستدامة الاقتصادية الشيباني يبحث مع نظيره البحريني تعزيز العلاقات وآفاق التعاون المتسول من الحاجة إلى الإنتاج جلسة خاصة حول إعادة إعمار سوريا ضمن أعمال "الكومسيك" في إسطنبول  الدواء والمستشفيات محور شراكة سورية ليبية مرتقبة التحولات الإيجابية في سوريا تقلق الاحتلال وتدفعه للتوغل في أراضيها الأسباب والتحديات وراء الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا