الثورة – آنا عزيز الخضر:
لفن النحت خصوصيته، وبينما تختلف مواده، فإن العلاقة الخاصة التي تربط الشكل الفني بالفراغ تخلق عوالم مليئة بالإبهار والدهشة، هذه العوالم تحمل في طياتها روح الفنان، وتعبّر عنها بآليات تعبيرية متنوعة، مقدمة رؤيته وخبرته في كل ملامحها ومفرداتها، هذه التفاصيل الجميلة تفرض الإعجاب وتكتنز بالزهو، خاصة في معرض للنحت يحتضن خيرة الفنانين السوريين وأميزهم.

كما كان الحال في غاليري زوايا الذي أقام معرضاً جماعياً مؤخراً بمشاركة 22 نحاتاً ونحاتة من أسماء لامعة في عالم فن النحت ومن أجيال عدة، فقد شهدنا في المعرض تجارب متنوعة، تختلف رؤاها وأساليبها وأحجامها وأفكارها، لكن جميعها اجتمعت لتغني المعرض بملامح تشبه حياتنا، وتوصل عبر شفافية وأحاسيس برزت في هذه المنحوتات التي تعمقت في جوارح البشر، واقتربت من معاناتهم، فخلقت من المادة القاسية أرق المشاعر وأكثرها إنسانية.
شكّلت تلك الأعمال عالماً يعكس واقعنا بامتياز، ومن بين هذه الأعمال، كان هناك ما عبر عن المأساة التي عاشها السوريون، مثل منحوتة “حجر الطاحون”، وأخرى تجسد الوجع السوري، كما شهد المعرض حضور فنانين من أجيال مختلفة وتجارب متعددة.
تجربة فنية غنية
من بينهم كان الفنان المخضرم مصطفى علي، الذي يعد أحد الأسماء البارزة في مجال النحت، الفنان علي صاحب تجربة فنية غنية، ذات خصوصية فريدة، لا يشبهها شيء سوى التميز والإبداع، فقد خط لنفسه مسيرته ومكانته في عالم النحت، وأكثر ما يميز أعماله هو جرأته في تقديم الجديد، والالتزام بالمفاجأة التي تمنح أي لون فني رونقاً خاصاً، إنها تجربة غنية بالإبداع، والتنوع، والاختلاف.

مشواره مع النحت
النحات السوري مصطفى علي يملأ مشواره مع النحت بالإبداع والتشكيل الفني اللافت، وتعتبر أعماله محورية في دراسة الإنسان، دواخله، مشاعره، وجوهره، وحول مشاركته في المعرض، تحدث الفنان قائلاً في حديثه للثورة: “جمعت في هذا المعرض المتميز في غاليري زوايا بين هذه الأعمال مادة واحدة هي البازلت، الذي يعتبر رمز القوة والمتانة والخلود، وهو حجر بركاني يميل إلى اللون الأسود والرمادي، ينتشر في سوريا من الجولان والسويداء حتى حمص وصولاً إلى الساحل السوري، وبسبب انتشاره الواسع، استخدمته العمارة التاريخية في بناء عدد من المدن السورية مثل شهبا، السويداء، حمص، وبانياس، طبيعة الحجر بركانية، أسود اللون أو رمادي، قاسي الملمس وخشن”.
البورتريه يتكلم
تناول المعرض أيضاً فن البورتريه، عبر تجارب الفنانين المتنوعة بين الواقعية والواقعية التجريبية، وصولاً إلى التجريد، وقد شارك في المعرض 22 فناناً وفنانة، مما يعكس أهمية المعرض من خلال تنوع تجارب الفنانين وغناها، وخصوصية التجربة لكل فنان ورؤيته.
إضافة إلى الأساليب التعبيرية المتميزة التي كانت بالفعل ساحرة ولفتت الأنظار.
كان المعرض فرصة مميزة لرؤية إبداع الفنانين السوريين، واكتشاف تنوع أساليبهم وتوجهاتهم الفنية.
إن النحت، بأبعاده الإنسانية والفنية، يبقى حيوياً في نقل مشاعر وأفكار تتجاوز المادة لتلامس روح الإنسان.