الثورة – غصون سليمان:
كيف واجه الإعلام الوطني السوري والإعلام المقاوم آلة الإرهاب على مدى سنوات الحرب العدوانية على سورية وكيف تم استهدافه بشكل ممنهج من قبل الدول والحكومات الداعمة للتنظيمات الإرهابية بتسمياتها المختلفة.. الإجابة على هذا التساؤل كان من خلال الندوة التي أقامتها وزارة الثقافة مديرية ثقافة دمشق بالتعاون مع الرابطة السورية للأمم المتحدة تحت عنوان الإعلام في مواجهة الإرهاب بثقافي أبو رمانة أول أمس شارك فيها الدكتور إبراهيم سعيد رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة ، والإعلامية رائدة وقاف نائب رئيس اتحاد الصحفيين في سورية وأدارها الزميل الصحفي حمود عجاج.
الدكتور سعيد استهل حديثه بتساؤل إن كان هناك من دور إيجابي للأمم المتحدة، وهل تنفذ عنوان السلم والأمن الدولي في أنشطتها سواء أكانت من خلال منظماتها أو حتى من خلال سياساتها المعلنة وغير المعلنة، سيما وأن مبرر قيامها بالأساس هو الأمن والسلم الدوليين،حيث جاءت نتيجة للحرب العالمية الثانية كما جاءت عصبة الأمم قبلها على خلفية الحرب العالمية الأولى، ولفت الدكتور سعيد إلى أن هناك عشرات الملايين الذين قتلوا في أوروبا وغيرها من القارات تحت إدارة الصراع بين الدول العظمى بغية الهيمنة والسيطرة حيث حدد مؤتمر يالطا المعروف فيما بعد السياسة الدولية برمتها وتم تأسيس مجلس الأمن الدولي الذي ضم ١٥ دولة منهم خمسة أعضاء دائمين ، وإن الأعضاء الموجودين في هذا المجلس مهمتهم الأساسية السعي من أجل تحقيق الأمن والسلم الدولي، وهذا ما ذكرته المادة الأولى في منهجية الأمم المتحدة ،وفي الجزء الثاني من المادة ذاتها نصت على انمعاء العلاقات الودية بين الأمم المتحدة من أجل تحقيق هذا السلوك.
وبين الدكتور سعيد إيجابيات وسلبيات حق النقض الفيتو ،خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تستخدم باستمرار الفيتو ضد أي مشروع يصب في مصلحة العرب أو لصالح الشعوب المغلوب على أمرها لافتا أنه لأول مرة استخدم الفيتو في مجلس الأمن من روسيا لصالح الدولة السورية وتلا ذلك مرات ما بين ١٢- ١٣ مرة وكذلك فعلت الصين في مرات أخرى ما يعني أن حق النقض ليس شر مطلق.
وفيما إذا كانت الأمم المتحدة حققت شيئا ما من السلم الدولي يؤكد رئيس الرابطة بالقول من الصعب أن يتحقق السلم كاملا بسبب التناقضات الدولية ومصالح الدول العظمى والهيمنة على القرارات، فالولايات المتحدة تدفع تقريبا ٢٠% من ميزانية الأمم المتحدة ومن يدفع أكثر هو الذي يسيطر ويحرف القرارات باتجاه مصالحه، كما يجب ألا يغيب عن بالنا أن مجلس الأمن جاء نتيجة لانتصار القوة، وجميع القرارات التي اتخذت بالأمم المتحدة فرضتها القوة ورعتها واستمرت بها رغم أن هذه الدول ظاهريا لا تحب النظرية الواقعية بالجيوبولتك والتي عملها ثلاث فقرات أساسية القوة، والمصلحة، والأمن، ايضا تسعى هذه الدول للعمل بالنظريات الأخرى كالنظرية الليبرالية والنظرية البنائية وهذه الأخيرة تقوم على أساس التعاون والتكامل والسلم الدولي، ولكن لا أحد يعمل بها على الإطلاق فالعمل يكون دائما وفق النظرية الأولى الليبرالية لأنها تمكن الدول المنتصرة مباشرة يحصد ثمار الانتصار بينما في النظرية الأخرى الانتصار يأتي على البعيد من حيث السلم الدولي والتنمية والعلاقات الدولية،القانون الدولي الإنساني ،التوازن الدولي وهذا ليس من صالح الدول العظمى.
شاهد زور..
ونوه الدكتور سعيد كيف أن الأمم المتحدة كانت شاهد زور على كثير من الجرائم الكبيرة في العالم ومن جرائمها ماحصل في رواندا بتسعينيات القرن الماضي حيث قتل أكثر من ٨٥٠ ألف رواندي وجنود الأمم المتحدة بجوارهم لم يفعلوا شيئا، ناهيك عن احتلال امريكا للعراق وتدميره بالكامل وقد سبق ذلك الحصار والعقوبات كل ذلك على مرأى قوات المتحدة المتحدة، وبالنسبة لفلسطين المحتلة ذكر أنه لايوجد قرار من قرارات الأمم المتحدة تم تنفيذه، وآخر قرار صدر عن مجلس الأمن عندما قرر الكيان الصهيوني ضم الجولان في ١٤/١٢ /١٩٨١ وفي ١٧ /١٢ أي بعد ثلاثة أيام كأن شيئا ما تبدل في الدنيا إذ تم اتخاذ القرار ٤٩٧ لبطلان هذا القرار، والطلب الانسحاب من الأراضي السورية وعدم تغيير تطبيق اتفاقية جنيف ١٩٤٩، أي عدم التغيير بالواقع والميدان على صعيد القضايا المدنية المتعلقة بالارض، والعادات والتقاليد الثقافية، وحرية الكلمة وإبقاء الواقع كما هو، إلا أن كل شيء تبدل والأمم المتحدة لم تفعل شيئا،بل حاولت إسرائيل فرض الهوية على السكان المحليين قسرا، مادفعهم إلى الإضراب الكبير المشهور في تاريخ مقاومة أهلنا بالجولان السوري المحتل.مضيفا أن كل ما أصاب سورية من خراب وتدمير تقف وراءه الولايات المتحدة التي تحتل جزءا من أراضيها شرق الفرات، وبالتالي فإن المخرج النهائي للأمم المتحدة يصب في صالح الدول المهيمنة ولاسيما أمريكا لأن قرارها هو المهيمن في غالبية الأحداث العالمية.
ووصف الدكتور سعيد الولايات المتحدة برجل الإطفاء الذي يريد أن يرى النيران مشتعلة باستمرار وذلك عملا بنصيحة وليم سبيكمان الذي نصح الأمريكان أن يجدوا الحروب بين الدول كي يدخلوا ويدعمون الأطراف المتقاتلة بالسلاح ومن ثم يكن لهم دور في حل المشكلة حسب مصلحة أمريكا فنقطة الارتكاز الأساسية في السياسة الأمريكية هي مفهوم الهيمنة وان السلم والاستقرار لا يأتي إلا بالهيمنة وهذه النظرية مخالفة للطبيعة البشرية والأعراف والمواثيق الدولية .
إرهاب ممنهج بحق الصحفيين..
الإعلامية رائدة وقاف نائب رئيس اتحاد الصحفيين السوريين رئيس لجنة الحريات الصحفية بالاتحاد بينت من خلال عرض مفصل كيف أن الصحفي والإعلامي السوري الذي حاول أن يقوم بواجبه المهني والأخلاقي ،ويعكس حقيقة الميدان ،وحقيقة ما يجري على الأرض خلال سنوات الحرب العدوانية على بلدنا تعرض للاستهداف الممنهج من قبل المجموعات الإرهابية حتى ولو كان ينقل شأنا تنمويا، تربويا ،اقتصاديا،رغم حظر استهداف الصحفيين في الحروب والأزمات ،فقد وصل عدد شهداء الإعلام في سورية إلى ٥١ شهيدا وشهيدة نتيجة و٢٢ جريحا عدا المغيبين قسريا منذ العام ٢٠١٢،وهؤلاء جميعهم تم استهدافهم آما بصاروخ أو قذيفة أو قناص،كما استهدف الصحفي السوري في مؤسسته،وفي عمله الاعتيادي واستشهد على باب منزله وهو يتوجه لاداء واجبه المهني،واستهدف كذلك في الفضاء الافتراضي،وحملات التشهير ومحاولة اضعاف موقفه، حتى ولو لم يكن في الميدان .ورغم كل هذه الضغوطات تابع الإعلام الوطني مهمته بفضح الواقع العدواني ونقل الحقيقة .
وذكرت وقاف إن الزميل الصحفي محمد الصغير المختطف والمعتقل والمغيب قسريا منذ العام٢٠١٩ على يد ميليشا الاحتلال لأنه كان يغطي حرائق القمح والشعير في الحسكة وينقل سلوك المجموعات الإرهابية وهي تقوم بحرق المحصول الغذائي،حيث وضع في سجن غويران مع إرهابيي داعش وهو لغاية اللحظة يتعرض لأبشع الظروف والتي تعتبر انتهاك لحق الأسرى والمعتقلين ،فهو ممنوع من الطبابة ورؤية الأهل والمحاكمة العادلة قانونيا،ورغم كل المناشدات من قبل اتحاد الصحفيين السوريين والاتحاد الدولي والوقفات التضامنية لم تحرك تلك القوى العدوانية ساكنا رغم تعرضه لجلطات ثلاث.منفذا إضرابا عن الطعام.
ونوهت وقاف أن هذا الصحفي قد هجر واسرته من الرقة إلى الحسكة حين دخل تنظيم داعش الإرهابي المدينة ليتابع عمله الصحفي مشيرة أن ماتعرض له الإعلام السوري ومن قتل للصحفيين وترهيبهم لم يحدث في أية حرب أخرى لأن الإعلام السوري كان يعكس الحقيقة لا الزيف والتضليل الذي يقوم به محور العدوان .لافتة أن ترهيب الإعلام السوري وحجبه عن الأقمار والمحطات يعد انتهاكا لجميع الاتفاقيات العالمية التي تحمي تدفق المعلومات للجمهور الذي بإمكانه أن يميز ويشكل القناعة بين هذا الرأي وذاك، فكيف يحجب الآخر جانبا كاملا من المعلومة ويبث له معلومات أخرى مضللة كما حدث في سورية .
وذكرت رئيسة لجنة الحريات أن الصحفيين استهدفوا بطرق يراد لها النسيان والإفلات من العقاب كما حصل مع الزميلة يارا عباس مراسلة الإخبارية وغيرها الكثير ، ناهيك عن استهداف المؤسسات والمراكز الإعلامية حيث تم تدمير ما يقارب ١٥ مركزا إعلاميا وصحفيا ومراكز بث بشكل كامل،و٢١ مركزا تضرر بشكل كبير ويحتاج إلى إمكانيات اقتصادية وتقنية كبيرة لإعادة تشغيلها، هذه المؤسسات التي تم تدميرها أثرت على عمل الصحفي في بيئته ومدينتة التي كان يعمل بها كمدينة تدمر و إدلب وغيرها من المناطق التي عبث بها الإرهاب.
وإذا كانت القوانين الدولية تحث على وجوب تدريب الصحفيين على شروط السلامة المهنية في الحروب والنزاعات نجد هذه الميزة قد حرم منها صحفيو سورية ولم يخضعوا لأي دورة من هذه الدورات إلا في الفترة الأخيرة عبر اتفاقيات مع الاتحاد الدولي، ولو كانت هذه التدريبات على السلامة المهنية متاحة لتحاشى البعض الأخطار المحدقة بالميدان من مخلفات القذائف ، على عكس ما كان يحصل من تدريب عال لبعض المرتزقة ممن يدعون العمل الصحفي ودخلوا بشكل غير قانوني وغير شرعي الأراضي السورية وقدمت لهم دورات رسمية من قبل المنظمات الدولية وهي متخصصة بأنواع الغازات والأسلحة وكيف يحمي الصحفي نفسه ويتجنب الاستهداف .
وأضافت وقاف بأن الإجراءات القسرية غير القانونية أثرت سلبا على عمل الصحفي وتوجهاته نظرا لنقص الإمكانيات التقنية والتدريبية التي كانت تقوم بها المؤسسات الإعلامية الوطنية بشكل كامل.قد أثرت على الدعم اللوجستي لتغطية القصة الصحفية من حيث المعاناة في خطوط النقل والمواصلات وانقطاع التيار الكهربائي وبالتالي متابعة العمل الصحفي بشكل مهني ودقيق.هذه الإجراءات القسرية أثرت على مؤسسات إعلامية وصحيفة مسموعة ومرئية ومكتوبة وحتى على الإعلام الالكتروني العام والخاص وهذا بحد ذاته يعتبر استهداف للصحفي سواء على الأراضي السورية أو في الجولان السوري المحتل حيث يتعرضون لانتهاكات وجرائم مستمرة من قبل الكيان الصهيوني الذي يعتبر عملهم استخباراتيا فيقوم بملاحقتهم وملاحقة حتى ضيوفهم حيث لا يوجد مراسل سوري في الجولان المحتل ويعمل لقناة وطنية إلا ودخل السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات. والزميل عطا فرحات وغيره.
وختمت وقاف حديثها بالقول إن الصحافة السورية لها تاريخ وأعمدة نتكىء عليها وقد أفرزت مرحلة الحرب قامات صحفية هامة ووجوه شابة نستبشر بها خيرا.
مداخلات..
الصحفي حمود عجاج الذي أدار الندوة ذكر بأن الإعلام السوري لو لم يكن مؤثرا في الرأي العام رغم إمكانياته المحدودة لما تم حجبه عن أقمار البث ، من قبل منظومة العدوان حيث انتصر الإعلام المقاوم على إعلام الإمبراطوريات.
فهو انتصر بالمصداقية على التضليل وحرب تموز شاهدة على ذلك.. لافتأ إلى تأثير الصور التي هزت العالم وخاصة محور العدوان حين ظهر السيد الرئيس بشار الأسد وسط الجنود في “بابا عمر”،بمدينة حمص التي راهنوا عليها في تفتيت وتدمير سورية، وصورته أيضا أثناء تحرير مدينة القصير ووجوده في شرق حلب ، وحين تنقل بسيارته إلى الغوطة الشرقية وهذا غيض من فيض، لمؤثرات الإعلام المقاوم الذي هزم أعتى الإمبراطوريات الإعلامية.
تمرد عالمي..
سليم الخراط رئيس حزب التضامن بين في مداختله ضعف الإمكانيات الواجب توفرها للعمل الصحفي ،فاعتمدنا على تجسيد واقع الإعلام من خلال تضحيات أبناء هذا الجسد، وقال نحن دائما نتحدث عن السلبيات فيما واقع العالم يشهد هيمنة الدولار والقطب الواحد وما نشهده من تمرد عالمي اليوم بدأته سورية ونجحت فيه خلال اثني عشر عاما من الحرب العدوانية ومقاومة الإرهاب ما جعل أحجار الدومينو تتساقط الواحدة تلو الأخرى مع صعود أقطاب جديدة واعدة.
سلطة خامسة ..
الدكتور سليم بركات جامعة دمشق ذكر بأن الإرهاب الذي نعاني منه هو إرهاب عالمي متعدد الصور، وما يجري في العالم من إرهاب ليس عاديا والدليل على ذلك حواضن هذا الإرهاب في منطقتنا كتركيا على سبيل المثال،وفي الداخل السوري هناك مأجورون وإن الحروب قائمة على مستوى العالم.مشيرا أن الإعلام لم يعد سلطة رابعة بل سلطة خامسة لأن عصر الإمبراطوريات الإعلامية انتهى من وجهة نظره منذ نجاح الرئيس الأمريكي ترامب فالذي رشح ضده كان صنيع الإمبراطوريات الإعلامية حيث دفعت أموال طائلة من بعض دول الخليج
وأكد بركات أن المعلوماتية الآن هي الإعلام الحقيقي وأصبحت سلطة خامسة ربما تناهض السلطة الأولى والثانية والثالثة ، منوها بوجوب الحديث عن سلبيات العمل الصحفي وتفنيدها وإظهار الدروس المستفادة خلال سنوات الحرب العدوانية .
لا تتقادم..
الأستاذ المحامي احمد السراج أمين سر الرابطة السورية للأمم المتحدة بين أن الجرائم لا تتقادم إذا كانت بحق الإنسانية وبالتالي يجب ألا يفلت من العقاب من ارتكب الجرائم بحق السوريين على صعيد الإعلام وغيره.
بدورها باسمة عرابي مديرة المراكز الثقافية بوزارة الثقافة عبرت عن تقديرها للإعلام السوري الذي أثبت جدارته خلال سنوات الحرب العدوانية على بلدنا مع التأكيد على أهمية تميز الخبر ومصداقيته .
الدكتور جورج جبور أوضح بأن المقاومة الوطنية اللبنانية كانت هي المؤثر الأول على مجلس الأمن في موضوع تنفيذ القرار ٤٢٥ القاضي بانسحاب قوات الكيان الصهيوني من جنوب لبنان بموجب القرار المذكور، فالمقاومة هي أكبر داعم للأساس الذي قامت عليه الأمم المتحدة وهي منع العدوان ، مايحتم علينا الاهتمام بعلم الأمم المتحدة، باعتباره علم كبير ومتشعب ، علم تتداخل فيه مفاهيم الاقتصاد، والمواد القانونية، ووسائل الإعلام والتطورات السياسية الحديثة.