الثورة – ترجمة ختام أحمد:
أصبح من الواضح للعالم أن الصراع في أوكرانيا هو مواجهة جيوسياسية يائسة، على الرغم من جهود وسائل الإعلام الغربية الهائلة لتصويرها على أنها تعد شيئا آخر أكثر نبلاً – التمثيلية المعتادة للفروسية والفضيلة لإخفاء الإمبريالية الغربية العارية.
ليس الموت والدمار في أوكرانيا سوى حرب بالوكالة من قبل الولايات المتحدة وشركائها في الناتو لهزيمة روسيا في مناورة استراتيجية.
لكن الهدف غير المعلن لا ينتهي عند روسيا، إن الولايات المتحدة وأتباعها من الإمبرياليين الغربيين مدفوعون للضغط من أجل المواجهة مع الصين أيضا لتعزيز الهيمنة على النظام العالمي.
تمثل روسيا والصين العائق الرئيس في طريق الهيمنة المحتملة، لذلك نرى هذا الدافع الجنوني للعدوان ينبع من واشنطن باعتبارها القوة التنفيذية للنظام الغربي، ليس فقط في تأجيج الحرب في أوكرانيا إلى مستويات مأساوية، فإن هذا المحور نفسه يثير التوترات مع الصين بشكل تعسفي وإجرامي.
فقد قامت دول الناتو بتسليم أسلحة اليورانيوم المنضب إلى نظام كييف، بينما أعلنت الولايات المتحدة أن غواصاتها المحملة برؤوس حربية نووية سترسو في كوريا الجنوبية، وهي خطوة أثارت غضب الصين التي أشارت إلى أن واشنطن تنتهك التزاماتها منذ عقود بنزع السلاح النووي . بطبيعة الحال، فإن مثل هذا الاستفزاز المنحرف مساوٍ للمسارات التي تتبعها واشنطن بشكل متعمد في محاولة واعية لتفاقم التوترات وتصعيد النزعة العسكرية، فالسلام والأمن هما لعنة بالنسبة للولايات المتحدة وأتباعها الذين يكمن سبب وجودهم الأيديولوجي في تفاقم الحرب لإرضاء إدمان الشركات الرأسمالية – وهو نظام يتزايد إفلاسه واختلال وظيفته، ومن هنا يأتي اليأس المجنون من الرغبة في إصلاحات الحرب.
في خطاب لاذع أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا الأسبوع، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الصراع في أوكرانيا لا يمكن حله بشكل صحيح دون فهم السياق الجيوسياسي.
بعبارة أخرى فإن الحرب في الجمهورية السوفيتية السابقة التي اندلعت في شباط الماضي لها أسباب أكبر مما تحاول القوى الغربية ووسائل الإعلام المتوافقة معها التظاهر بخلاف ذلك الدفاع عن أوكرانيا.
الدفاع عن الديمقراطية يعني الدفاع عن القانون الدولي أي الدفاع عن السيادة الوطنية.
هذه بعض المزاعم المضحكة لواشنطن وحلفائها، وعلى المرء فقط أن يفكر في عقود من التهويل التام لميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الديمقراطية من قبل الولايات المتحدة وشركائها المارقين في سعيهم لخوض حروب إجرامية لإدراك أن إشاراتهم الفضيلة على أوكرانيا هي مزحة سيئة. كانت كلمة لافروف أمام مجلس الأمن بمثابة توبيخ مذهل لنفاق وإجرام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وقوى الناتو الأخرى، فضلاً عن الاتحاد الأوروبي كان حديثه شبيهاً بالمشهد في الفيلم الكلاسيكي القديم ساحر أوز عندما تم سحب الستارة على الشرير المهرج ليراها الجميع.
أي مراقب موضوعي سوف يتفق مع الدراسة المروعة لوزير الخارجية الروسي للتاريخ الحديث ولماذا تجلت الحرب في أوكرانيا بشكل مأساوي، وللأسف مازلنا نفشل في فهم التاريخ والأسباب الحقيقية للصراعات ولهذا محكوم علينا بتكرار الفظائع.
ومن المفارقات أن القادة الغربيين كشفوا في بعض الأحيان عن الأجندة الجيوسياسية الأكبر بكلماتهم المتغطرسة المغلوطة.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أطلق في وقت سابق دعوة لتغيير النظام في موسكو بينما استسلم كبار مساعديه، وزير الخارجية أنطوني بلينكين ورئيس البنتاغون لويد أوستن، لتسميم نرجسيتهم وغطرستهم بالقول إن الغرض من الحرب في أوكرانيا هي “هزيمة روسيا”.
كما خرجت شخصيات بارزة أخرى في الناتو، مثل القادة البولنديين الأغبياء المغرورون ورفاقهم في دول البلطيق، وصرحوا بأن الأجندة الخفية للحرب هي هزيمة روسيا.
كما يوحي خطاب لافروف أمام مجلس الأمن، فإن الانتهاك المنهجي لميثاق الأمم المتحدة من قبل الولايات المتحدة وشركائها الغربيين هو استمرار مؤسف للفاشية النازية والهمجية الإمبريالية التي كان من المفترض هزيمتها في الحرب العالمية الثانية.
إن ذروة الإجرام الإمبريالي الغربي المستمر الجامح وإرهاب الدولة هو الحرب الحالية في أوكرانيا والعدوان المتزايد على الصين على تايوان كذريعة.
تم الكذب على الرأي العام الغربي بشكل صارخ من قبل حكوماتهم ووسائل الإعلام بشأن الطبيعة الحقيقية للحرب في أوكرانيا، وتم دفع مئات المليارات من الدولارات للمواطنين الأمريكيين والأوروبيين لدعم النظام النازي في كييف الذي تتمثل مهمته في العمل كطرف رمح للناتو ضد روسيا، وتليها الصين بعد الانتهاء من أوكرانيا.
غالبية الدول البالغ عددها 193 في الأمم المتحدة تخضع للهيمنة الرأسمالية الغربية وامتيازاته الاستعمارية الجديدة الفظيعة. وتدرك دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا أن حرب الناتو بقيادة الولايات المتحدة في أوكرانيا هي محاولة يائسة أخيرة للحفاظ على نظام عالمي إمبريالي كان يجب القضاء عليه بعد الحرب العالمية الثانية مع إنشاء الأمم المتحدة، ولكن للأسف، لم يحصل ذلك، لأن السبب الجذري للإمبريالية هو النظام الرأسمالي الغربي بقيادة الأنجلو أمريكية.
لم تكن نهاية الحرب العالمية الثانية، كما في الحرب العالمية الأولى، سوى وقفة في آلة القتل التاريخية.
إن الصحفيين والناشطين المناهضين للحرب في الغرب الذين يسلطون الضوء على المخالفات في أوكرانيا إما يتعرضون للإقالة أو الذم أو الرقابة الشديدة، أو حتى السجن.
ومع ذلك، فإن الجمهور الغربي وبقية العالم أصبحوا يدركون بشكل متزايد هذه التمثيلية البغيضة، ويتضح الآن بشكل متزايد في ضوء الوثائق المسربة من البنتاغون أن الحرب في أوكرانيا كارثية، على الرغم من إغراق نظام كييف بالسلاح من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلا أنه يواجه الهزيمة على أيدي القوات الروسية المتفوقة.
لقد ثبت أن التوقعات العظيمة لانتصار أوكرانيا التي تنبأ بها القادة ووسائل الإعلام الغربية على نطاق واسع هي أكاذيب جوفاء ومستهجنة.
والفائز الوحيد في هذه الحرب هي شركات الأسلحة الغربية التي جنت أرباحاً غير مسبوقة، إضافة إلى العصابة المدعومة من حلف شمال الأطلسي في كييف التي استحوذت على مئات الملايين من الدولارات.
لا ينبغي لأحد أن يتفاجأ بمثل هذا الكذب الصارخ والخداع، فقد كان الرئيس جو بايدن وإدارته يقولون أكاذيب عارية لإخفاء الفساد المنتشر في أسرة بايدن، فقد استغل بايدن وابنه هانتر أوكرانيا منذ الانقلاب المدعوم من وكالة المخابرات المركزية في كييف عام 2014 من أجل الإثراء الشخصي.
وبحسب ما ورد، طلب الرئيس من كبار مساعديه القيام بمحاولاته لفرض رقابة على وكالات الاستخبارات ووسائل الإعلام من الكشف للجمهور عن الفساد في قلب عائلته.
من الواضح بشكل متزايد أن الجمهور الأمريكي، والجمهور الأوروبي، وبقية العالم قد تم خداعهم بطرق متعددة، فالحرب الزائفة في أوكرانيا تكشف عن بئر الفساد العميق النتن في هذا البيت الأبيض.
المصدر – استراتيجك كالتشر